قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون 6 ياأيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم تعملون 7 ياأيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير 8 ياأيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير 9 ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين 10 وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأت فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين 11 ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين 12}
  قراءة العامة: «بِكَلِمَاتِ» على الجمع، وقرأ الحسن وعيسى والجحدري: «بِكَلِمَةِ» على واحد يعني عيسى.
  · اللغة: الوقاية: الحراسة والحفظ، وقى يقي وقاية فهو واقٍ، والأمر للواحد: قِ يا هذا، وللاثنين: قِيَا، وللجماعة: قُوا، ونظيره: من الوفاء: فِ، فِيَا، فُوا.
  والتوبة: الرجوع إلى الله وإلى طاعته، وهو الندم على ما فات من ارتكاب قبيح، أو ترك واجب، والعزم على ألا يعود في المستقبل إلى أمثالها.
  والنصوح: مأخوذ من النصاحة وهو الخِيَاطَةُ، كأنه أراد به التوثيق كما يوثق الشيء بالمِخْيَطِ، ويحتمل أنه يوصل صاحبها إلى الجنة، وأهلها كما يوصل المَخِيطُ بالمِخْيَطِ، والنصوح نعت للتوبة يقال: ماء شَرُوبٌ أي يُشْرَبُ، كذلك النصوح ما ينصح، عن أبي مسلم. وقيل: النصوح التي يناصح فيها الإنسان نفسه بإخلاص الندم مع العزم من غير تضييع في ذلك، عن علي بن عيسى. فيكون مأخوذًا من النصح، وهو النصيحة.
  والإحصان: المنع، ومنه: الحصن والحصين، وإحصان الفرج: مَنْعُهُ من دنس الذنب، فرس [حِصَان] يمنع من ركوبه.
  والقانت: الدائم الثابت على طاعة الله، المتمسك بدينه.
  · الإعراب: «نصوحًا» نعت للتوبة، ولم يقل: نصوحة؛ لأنه «فَعُولٌ»، و «فعول» يكون بغير هاء، كقولك: امرأة غفور، وشكُور.
  ونصب (امْرَأَتَ) و (مَرْيَمَ) بالفعل، تقديره: ضرب امرأة فرعون مثلًا، وضرب مريم مثلاً.