التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم 215}

صفحة 866 - الجزء 1

  · الإعراب: (ماذا) موضعه يحتمل الرفع والنصب، فالرفع على تقدير: ما الذي ينفقون، و (ذا) بمعنى الذي، والنصب على: أي شيء ينفقون؟ وتكون (ذا) و (ما) بمنزلة شيء واحد.

  · النزول: نزلت الآية في عمرو بن الجموح، وكان شيخًا كبيرًا ذا مال كثير فقال: يا رسول اللَّه، بماذا أتصدق، وعلى من أنفق؟ فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  · النظم: قيل: لما تقدم الأمر بالجهاد والصبر فيه عقبه بذكر الإنفاق فيه، وفي سائر أعمال البر، وقيل: عاد الكلام إلى بيان الشرائع.

  · المعنى: «يَسْأَلُونَكَ» يا محمد «مَاذَا يُنفِقُونَ» فالسؤال عن الإنفاق يتضمن السؤال على مَنْ ينفق، فجاء الجواب ببيان كيفية النفقة، وعلى من ينفق «قُلْ» يا محمد «مَا أَنفقتُمْ مِنْ خَيرٍ» مال فتدل على أن له مقدارًا؛ لأن القليل لا يسمى بذلك، ويجب أن يكون منتفعًا به؛ لأنه ما لا ينتفع به لا خير فيه، ثم بَيَّنَ مَنْ يُنْفَقُ عليه، فقال: «فَلِلوَالِدَيْنِ» قيل: في الوالدين، فأقام «اللام» مقام «في»، وقيل: فللوالدين نصيب في ذلك، والمراد الأب والأم والجد والجدة؛ لأن كل ذلك يدخل في اسم الوالدين «فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ» من المُعْطِي «وَالْيَتَامَى» من لا أب له. مع فقره «وَالْمَسَاكِينِ» الفقراء «وَابْنِ السَّبِيلِ» المنقطع عن ماله «وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَير» أي من عمل يد يقربكم إلى اللَّه «فَإِنَّ اللَّه» بذلك «عَليِمٌ» يجازيكم به.