قوله تعالى: {هماز مشاء بنميم 11 مناع للخير معتد أثيم 12 عتل بعد ذلك زنيم 13 أن كان ذا مال وبنين 14 إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين 15 سنسمه على الخرطوم 16}
  وتأييده، وقيل: بالشَّيْن الباقي أبدًا، عن قتادة، وقيل: سنبين أمره بيانًا لا يخفى على أحد كما لا تخفى السمة على الأنف، عن محمد بن جرير.
  فأما من قال بالثاني اختلفوا، فقيل: يَسِمُ الله وجوه الكفار بعلامة يُعْرَفُون بها يوم القيامة، ثم يحشرون إلى النار، عن أبي علي، وقيل: هو اسوداد وجوههم، عن مجاهد، وأبي العالية، وقيل: يجوز أن يخص هَؤُلَاءِ الذين عادوا رسول الله من بين سائر الكفار بعلامة قبيحة يتميزون بها كعلامة آكل الربا وآكل مال اليتامى ومن يغل في الغنيمة، وقيل: يكويه كَيًّا يظهر، عن الضحاك، والكسائي.
  · الأحكام: تدل الآيات على قبح هذه الأفعال، وكونها من الكبائر، وهي الهمز والنميمة ومنع الحقوق وغير ذلك من الأوصاف المذكورة، فأما الزنيم فالأكثر على أنه الدَّعِيُّ، ولا شبهة أنه وإن كان عيبًا فيه فلا عقوبة له بذلك؛ لأن الذنب لأبويه.
  ومتى قيل: أليس روي في الخبر: «لا يدخل الجنة ولد زنا ولا ولد ولده»؟
  وروي: «لا تزال أمتي بخير ما لَم يَفْشُ فيهم ولد الزنا»، وروي أنه قال في ولد الزنا: «هو شر الثلاثة»؟
  قلنا: هذه آخبار آحاد، لا يعترض بها على ما ثبت بالعقل والقرآن، وقد ثبت أن الأخذ بذنب الغير يقبح، وقال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤] فهذا نص، وإن ثبت الخبر فهو محمول على ولد بعينه، وكذلك الثالث، فأما الثاني: فإن ولد الزنا يكثر لكثرة الفساد.
  ويدل قوله: {أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ} أنه لا ينبغي أن ينظر إلى ماله وجاهه، ولكن ينظر إلى دينه.
  وتدل أن الهمز والنميمة ومنع الواجب فعلُه، ليس بخلق الله تعالى.