التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون 216}

صفحة 868 - الجزء 1

  وكلاهما بمعنى، كضُعْف وضَعْف، وقيل: الكُرْهُ بالضم المشقة، وبالفتح الإجبار، وكره كرهه، وأكْرَهَهُ: أَجْبَرَهُ، وقيل: بفتح الكاف المشقة تحمل عليه، وبضمها المشقة من غير أن تحمل عليه.

  · اللغة: الشر: نقيض الخير. والخير: النفع الحسن، والشر: الضرر القبيح هذا أصله، ثم يستعمل في غيره توسعًا.

  · الإعراب: «وَهُوَ كُرْهٌ» أي ذو كره، وقيل: مكروه، ونظيره: رجل رِضًا يحتمل ذو رِضًا، ويجوز مرضي.

  و «القِتَالُ» رفع؛ لأنه اسم ما لم يسم فاعله، وإنما رفع لإسناد الفعل إليه، فصار كالفاعل.

  · المعنى: لما تقدم الأمر بالجهاد بين أن ذلك مصلحة لهم، وإن كرهوا ولم يعلموا فقال تعالى: «كتِبَ عَلَيكُمُ» أي فرض «الْقِتَالُ» أي الجهاد في سبيل اللَّه «وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ» أي يشق عليكم وتكرهونه كراهة طباع، وقيل: مكروه لكم قبل أن يكتب عليكم لا بعده، فهو على الأول مجاز، وفي الثاني حقيقة، وقيل: كره يعني شديد، «وَعَسى» بمعنى (قد)، يعني قد تكرهون شيئًا وهو خير لكم، تكرهون الجهاد لحب الحياة، ومشقة الجهاد، «وَهُوَ خَيرٌ لَكُمْ»؛ لأنكم بين حسنيين: إما الغلبة والظفر والغنيمة، أو الشهادة والجنة «وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ» أي قد تحبون ما هو شر لكم، وهو القعود عن الجهاد لمحبة الحياة، وهو شر؛ لما فيه من غلبة العدو، وحرمان