قوله تعالى: {إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين 17 ولا يستثنون 18 فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون 19 فأصبحت كالصريم 20 فتنادوا مصبحين 21 أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين 22 فانطلقوا وهم يتخافتون 23 أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين 24 وغدوا على حرد قادرين 25 فلما رأوها قالوا إنا لضالون 26 بل نحن محرومون 27 قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون 28 قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين 29 فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون 30 قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين 31 عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون 32}
  · الأحكام: يدل قوله: «أقسموا» على أشياء:
  منها: ذمهم على منع الحق، وذمهم على القسم عليه، وذمهم على ترك الاستثناء، فدل على وجوب الاستثناء إذا أخبر عن المستقبل؛ لأنه لا يأمن كونه كذبًا.
  ومنها: أن العزم على القبيح قبيح؛ لأنهم عوقبوا على عزمهم من غير منع وظلم بالمنع، وإذا استحقوا العقوبة بهذا فكيف من يأخذ أموال الناس ظلمًا، ويمنع حقوقهم تعديًا.
  ومتى قيل: فمنع هذه الثمرة كان عقوبة وامتحانًا؟
  قلنا: يجوز الوجهان: أن يكون عقوبة، وأن يكون لطفًا؛ لذلك تابوا.
  ومنها: تدل أن للفقراء حقًّا في ذلك؛ لأن العقوبة لا تستحق إلا بترك الواجب، واختلفوا في ذلك الحق، فقيل: كان حقهم العشر، وقيل: بل ما كان يتساقط من الشجرة عند الصرام والحصاد.
  ومنها: يدل قوله: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} أنه كان مؤمنًا يأمر بالمعروف.
  ومنها: دلالة قوله: {إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} أن الظلم فعلُ العبد.
  ومنها: دلالة قوله: {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا رَاغِبُونَ} أنهم تابوا.
  وتدل أن العبد عند المعصية ينبغي أن يرجع إلى الله تعالى، وقد روي عن الحسن أنه قيل له: ألا تخرج على الحجاج؟ فقال: هو عقوبة من الله فلا تقاتلوه بالسيف، ولكن عليكم بالتوبة والدعاء، بمعنى تخليته عقوبة فلا ينصركم مع الإصرار، فتوبوا تُنْصَرُوا.