التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه 19 إني ظننت أني ملاق حسابيه 20 فهو في عيشة راضية 21 في جنة عالية 22 قطوفها دانية 23 كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية 24 وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابيه 25 ولم أدر ما حسابيه 26 ياليتها كانت القاضية 27 ما أغنى عني ماليه 28 هلك عني سلطانيه 29}

صفحة 7062 - الجزء 10

  ليزدادوا حسرة، وقيل: هلموا لتنظروا إلى ما أمر الله لي من النعم، وقيل: يقولون ذلك لخزنة الجنة؛ ليعرفوا مبلغ جزائهم فيوفروه عليهم {إِنِّي ظَنَنْتُ} بمعنى علمت وأيقنت في الدنيا «أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ» قيل: الهاء لنظم رؤوس الآي، وقيل: للاستراحة، وقيل: معناه: ظننت أنه يؤاخذني بسيئاتي بما عملتها، وقيل: ظننت في الدنيا فيما تكلفته من الأعمال، أي: أصل بها إلى هذه الدرجات «فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ» قيل: مرضية، وقيل: ذات رضا «فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ» رفيعة القدر والمكان «قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ» قريبة، قيل: لا ترد أيديهم عن ثمرتها، عن قتادة، وقيل: دانية مهيأة «كُلُوا» أي: ويُقال لهم: كلوا من الطعام «وَاشْرَبُوا» من الشراب «هَنِيئًا» قيل: الهنيء: المريء الذي ليس فيه ما يؤذي، ولا يعقب أذى كالغائط والبول «بِمَا أَسْلَفْتُمْ» أي: قدمتم «فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ» الماضية، يعني: في الدنيا، وقيل: أيام الصيام، وقيل: أيام الخلوة، قال قتادة: أيامكم هذه أيام خالية تؤديكم إلى أيام باقية اعملوا فيها وقدموا خيرًا، وقيل: كتاب المؤمن مزبور، وعليه خط من نور.

  «وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ» وهم العصاة، قيل: هي علامة أهل النار، تُلْوَى يده اليسرى خلف ظهره، ثم يعطى كتابه، وقيل: تنزع من صدره إلى خلف ظهره، وقيل: يفعل ذلك استخفافًا بهم، وقيل: بل أيمانهم مغلولة، فإذا قرأ كتابه مشحونًا بكل قبيح وفاحشة قال تحسرًا وتندمًا: «يَالَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ» كلام من ضاق صدره، وقَلَّتْ حيلته، فيقول: يا ليتني لم أُعْطَ هذا الكتاب، ليتني لم أره، ليته لم يكن «وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ» هذا كلام تحسر وتندم «يَالَيتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ» يعني يا ليت الموتة التي كانت في الدنيا كانت قاضية عليَّ فلم يكن لي حياة ولا نشور، وقيل: القاضية: الموت، أي: ليت الموت أتى، فأستريح، عن أبي علي، قال قتادة: تمنى الموت ولم يكن عنده في الدنيا شيء أكره منه، وقيل: معناه: يا ليتني مت، فاسترحت «مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ» أي: ما كفى عني شيئًا من عذاب الله، وما نالني من المكروه، وقيل: