التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {خذوه فغلوه 30 ثم الجحيم صلوه 31 ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه 32 إنه كان لا يؤمن بالله العظيم 33 ولا يحض على طعام المسكين 34 فليس له اليوم هاهنا حميم 35 ولا طعام إلا من غسلين 36 لا يأكله إلا الخاطئون 37}

صفحة 7065 - الجزء 10

  وقيل: تشد يده ورجله ليتقي العذاب بوجهه، وقيل: يرمى في النار مجموعةً يدُه إلى عنقه ورجلُه إلى رأسه، ثم ترميه النار من قعرها، ويعود فيها - نعوذ بِاللَّهِ -، واختلفوا: قيل: تقدير الكلام: اجعلوا هذه السلسلة بمنزلة الخيط، يسلك فيه الخرز جزاء على ما كان منه، وقيل: إنما تسلك السلسلة فيه، ولكن جاء الكلام على القلب، والتقديم والتأخير من غير اختلال المعنى.

  «إِنَّهُ كَانَ لاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ» شأنه وصفاته «وَلاَ يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ» وهو المحتاج الفقير، وهو منع الزكاة والحقوق الواجبة «فَلَيسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا» يعني يوم القيامة «حَمِيمٌ» قيل: أحد يحميه، عن أبي علي، وقيل: صديق ينفعه، وقيل: قريب يعينه «وَلاَ طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ» قيل: صديد أهل النار، عن ابن عباس، وقيل: شجرة يأكلها أهل النار، عن الضحاك، والربيع، وقيل: طعام من طعام النار، عن مجاهد، وقيل: هو الطحلب، عن الأصم، وقيل: النار دركات، فمنهم من طعامه غسلين، ومنهم من طعامه الضريع «لَا يَأْكُلُهُ» أي: الغسلين «إِلَّا الْخَاطِئُونَ» قيل: المجرمون، وقيل: الكافرون.

  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:

  منها: عظم عذاب أهل النار، والخبر عنه لطف للمكلف.

  ومنها: دلالة قوله: «لا يؤْمِن» «ولا يحض» على أن العذاب مستحق بألَّا يفعل الواجب على ما يقوله شيخنا أبو هاشم، خلاف ما يقوله أبو علي.

  ومنها: أن الكافر يعاقب على غير الكفر دائمًا.

  ومنها: أن الكافر مخاطب بالشرائع، خلاف ما يقوله بعض الفقهاء.

  ومنها: أن نوعًا من العذاب أَكْلُ الغسلين في خبر مرفوع: «لو أن دلوًا من غسلين يهراق في الدنيا لأنتن أهل الأرض».