التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلا أقسم بما تبصرون 38 وما لا تبصرون 39 إنه لقول رسول كريم 40 وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون 41 ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون 42 تنزيل من رب العالمين 43 ولو تقول علينا بعض الأقاويل 44 لأخذنا منه باليمين 45 ثم لقطعنا منه الوتين 46 فما منكم من أحد عنه حاجزين 47 وإنه لتذكرة للمتقين 48 وإنا لنعلم أن منكم مكذبين 49 وإنه لحسرة على الكافرين 50 وإنه لحق اليقين 51 فسبح باسم ربك العظيم 52}

صفحة 7069 - الجزء 10

  وسعيد بن جبير، وأكثر المفسرين، وقيل: عرق في القلب يتصل بالظهر، عن مجاهد، وقتادة، والضحاك، وهو حبل القلب، وقيل: لقطعنا منه علقة النبوة، ولأحبطنا عمله، وهو وعيد على ما يتخاطبون به «فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ» أي: مانعين عن العقاب «وَإِنَّهُ» يعني القرآن «لَتَذْكِرَةٌ» أي: عظة لمن تدبر وتفكر، وخص المتقي؛ لأنه الذي ينتفع به لتفكره فيه «وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ» أشار إلى أن منهم مصدق ومكذب «وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ» قيل: القرآن حسرة عليهم حيث لم يعملوا به، وقيل: البعث والحساب حيث لم يعدوا لها، وقيل: أمر النبي ÷ حسرة عليهم، حيث كذبوه، وقيل: التكذيب حسرة عليهم؛ لأنه تقدم ذكره في قوله: «مكذبين»، عن أبي علي. «وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ» فأضاف الحق إلى اليقين لاختلاف اللفظين، قيل: تأكيدًا، وقيل: معناه أنه صِدْقٌ ويقين لا شك فيه، وقيل: هو تنزيل رب العالمين حقًا ويقينًا، وقيل: ما ذكر فيه حق اليقين كائن لا محالة، ذكر هذين الوجهين أبو مسلم. «فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ» أي: نزهه عما لا يجوز عليه من الصفات، وعلى ما أيدك من النبوة، وكِلْ أمرهم إلى الله «الْعَظِيمِ» الذي يصغر كل شيء في جنب عظمته.

  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:

  منها: أن القرآن معجزة، وأنه كلامه تعالى.

  ومنها: أنه تنزيل فيدل على حدوثه.

  ومنها: أن أداءه، وتبليغه من جهة الرسول.

  ومنها: أن الرسول معصوم صادق فيما يقول؛ إذ لو غَيَّرَ لَفَعَلَ به ما ذكر.

  ومنها: أن الوعيد ثابت في أهل الصلاة؛ لأنه إذا ثبت فيه فغيره أولى.

  ومنها: أن الشفاعة لا تكون لأهل الكبائر؛ لأنه إذا لم يصح أن يدفع عن نفسه فغيره أبعد.