قوله تعالى: {يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 217}
  يعني أهل المسجد، وهم المسلمون؛ لأن الكفار ليسوا بأهل المسجد «مِنْهُ» يعني من المسجد «أَكْبَرُ» يعني أعظم وزرًا. «عِنْدَ اللَّهِ»، وذلك إخراجهم للمسلمين من مكة حتى هاجروا إلى المدينة «وَالْفِتْنَةُ» أي الكفر «أَكْبَرُ مِنَ الْقتلِ» يعني: في الشهر الحرام «وَلاَ يَزَالُونَ يقاتِلُونَكُمْ» يعني: أن أهل مكة يقاتلونكم يا معشر المسلمين «حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ» أي يصرفوكم عن دين الإسلام، ومعناه: يدعونكم إلى الردة حتى ترتدوا؛ لأن الردة ليست من فعل الكفار «إِنِ اسْتَطَاعُوا» أي إن قدروا على ذلك، فبين - تعالى - أنهم لا يستطيعون ذلك؛ لأنه تعالى ينصر رسوله والمؤمنين عليهم، «وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَنْ دِينِهِ» ينصرف عن دين الإسلام بالعود إلى الكفر «فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ -» يعني مات على كفره «فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ» يعني: هلكت حسناتهم حيث لا يستحقون عليها ثوابًا لما أحبطوها بالكفر فصارت كأن لم تكن، وقيل: جزاء أعمالهم «فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ» «وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» دائمون.
  · النظم: ونظم الآية وتقدير الكلام: يسألونك عن القتال في الشهر الحرام وعند المسجد الحرام فقل: ذلك كبير، ولكن الكفر بِاللَّهِ وصد المسلمين عن بيت اللَّه ودينه وإخراجهم عن أوطانهم، وهتك حرمتهم أعظم عند اللَّه وأكبر وزرًا، وهَؤُلَاءِ الكفار مع هذه الأفعال وكفرهم يقاتلونكم ليردوكم عن الدين، فكل واحد من هذا أعظم مما سألوه عنه.
  · الأحكام: تدل الآية على أن القتال في الشهر الحرام وعند المسجد الحرام كبير، واختلفوا فقيل: إنه منسوخ ويجوز القتال مع الكفار في ذلك، عن قتادة وأبي علي، وهو اختيار القاضي. وقيل: التحريم ثابت لم ينسخ، عن عطاء وجماعة. والأول: الوجه.