التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع 1 للكافرين ليس له دافع 2 من الله ذي المعارج 3 تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة 4 فاصبر صبرا جميلا 5 إنهم يرونه بعيدا 6 ونراه قريبا 7}

صفحة 7076 - الجزء 10

  وروي عن النبي ÷ قيل له: ما أطول ذلك اليوم؟ فقال: «والذي نفسي بيده إنه ليخفف علي المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا»، وعن إبراهيم: ما قدر ذلك اليوم على المؤمنين إلا كما بين الظهر والعصر، وقيل: هو مدة عمر الدنيا من أولها إلى آخرها خمسون ألف سنة، لا يدري أحدكم كم مضى؟ وكم بقي؛ وإنما يعلمها الله تعالى، عن الحكم، وعكرمة، فحمل بعضهم المدة على التحقيق إما للدنيا أو للقيامة، وبعضهم على التشبيه على ما بينا.

  «فَاصْبِرْ» على أذاهم وتبليغ الرسالة «صَبْرًا جَمِيلاً» قيل: تحسن عشرتهم ودعوتهم إلى الله ودينه، والتأني وترك العجلة والمداراة «إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا. وَنَرَاهُ قَرِيبًا» الرؤية الأولى بمعنى الظن، والثانية بمعنى العلم، أي: يظنونه بعيدا، ونحن نعلمه قريبًا، قيل: يرونه غير كائن، ونحن نراه قريبًا؛ لأن كل آت قريب، يعني القيامة، وقيل: يرون العذاب بعيدًا ونحن نراه قريبًا عنهم لاستحقاقهم.

  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:

  منها: سؤال عن العذاب، ثم من سأل، وكيف سأل ليس في الظاهر.

  ومنها: أن العذاب لا دافع له.

  ومنها: وجوب الصبر في الدين وإن ناله في ذلك الأذى.

  ومنها: أن القيامة قريبة؛ لأن كل ما هو آت قريب.

  ومنها: عروج الملائكة على ما بَيَّنَ تعالى، فتدل على عظيم حالهم، وعظيم قدرة اللَّه تعالى حيث أعطاهم تلك الآلات.