التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع 1 للكافرين ليس له دافع 2 من الله ذي المعارج 3 تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة 4 فاصبر صبرا جميلا 5 إنهم يرونه بعيدا 6 ونراه قريبا 7}

صفحة 7075 - الجزء 10

  الدرجات، عن سعيد بن جبير. «تَعْرُجُ» أي: تصعد «الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ» جبريل، خصه بالذكر من بين الملائكة تعظيمًا له، قيل: هم الحفظة يعرجون بعد قضائهم للأمور التي أمروا بها، وقيل: تعرج بالأعمال وتنزل بالتدابير، وقيل: المراد جميع الملائكة، وقيل: تعرج الملائكة في الغمام لقوله: {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا}⁣[الفرقان: ٢٥] يعني يوم القيامة «إِلَيهِ» قيل: إلى الموضع الذي يعطيهم الله فيه الثواب في الآخرة كقوله: {إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ}⁣[الصافات: ٩٩] إلى الموضع الذي أمرني ووعدني «فِي يَوْمٍ» قيل: في وقت، وقيل: سماه يومًا؛ لأن الملائكة تعرج إليه في مقدار يوم، عن الزجاج. «كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ» اختلفوا في هذه المدة، قيل: هو يوم القيامة، وقيل: بمدة الدنيا، وقيل: لعروج الملائكة، وقيل: للاستطالة، وقيل: للفعال، عن أبي علي، ثم اختلفوا في معنى الكلام، وما ضرب له المدة، فقيل: يوم القيامة تفعل فيه من الأمور، ويقضى من الأحكام بين العباد، وإنزال كل مرتق في الموضع المستحق لو فعل في الدنيا كان مقدراه خمسين ألف سنة، عن أبي علي، وقيل: تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره من عروج غيرهم خمسين ألف سنة، وذلك من أسفل الأرضين السبع إلى فوق السماوات السبع، عن مجاهد.

  فأما قوله: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}⁣[السجدة: ٥]، فهذا ما بين السماء والأرض الصعود والنزول ألف سنة، خمسمائة للصعود وخمسمائة للنزول، عن مجاهد، وقيل: هو يوم القيامة، عن الحسن، وقتادة، والضحاك، فقدر موقفهم للحساب حتى يفصل بين الناس خمسون ألف سنة من سنين الدنيا، وعروج الملائكة في بعضه، وقيل: لو ولي المحاسبة غيره تعالى في ذلك اليوم لم يفرغ إلا بعد خمسين ألف سنة، وهو يفرغ منه في ساعة، عن الكلبي، وقيل: فيه تقديم وتأخير تقديره: ليس له دافع من الله في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة تعرج الملائكة والروح إليه، وقيل: هو يوم القيامة جعل على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة، يعني أن أهل الموقف يستطيلون ذلك اليوم لشدته، عن ابن عباس، وأبي مسلم.