التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعا 19 إذا مسه الشر جزوعا 20 وإذا مسه الخير منوعا 21 إلا المصلين 22 الذين هم على صلاتهم دائمون 23 والذين في أموالهم حق معلوم 24 للسائل والمحروم 25 والذين يصدقون بيوم الدين 26 والذين هم من عذاب ربهم مشفقون 27 إن عذاب ربهم غير مأمون 28 والذين هم لفروجهم حافظون 29 إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين 30 فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون 31 والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون 32 والذين هم بشهاداتهم قائمون 33 والذين هم على صلاتهم يحافظون 34 أولئك في جنات مكرمون 35}

صفحة 7082 - الجزء 10

  والجزع: خلاف الصبر، جزع جزعًا.

  والحق: وَضْعُ الشيء موضعه، على ما يدعو إليه العقل والشرع من قولهم: حق الشيء يحق حَقًّا وحقة، كقولك: تحققه.

  والعادي: الخارج عن الحق عدا فهو عادٍ: إذا اعتدى، وعدا في مشيه يعدو عَدْوًا: إذا أسرع، وهو الأصل؛ لأن المتعدي أسرع الخروج عن الحق وجاوزه. إلى الظلم.

  · الإعراب: «هَلُوعًا» نصب على الحال، عن أبي مسلم.

  و «جَزُوعًا» و «مَنُوعًا» نصب على المجاورة لقوله: «هَلُوعًا» ولم ينصب على ما نصب عليه «هَلُوعًا»، عن أبي مسلم.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حال الخلق، فقال سبحانه: «إِنَّ الْإِنْسَان خُلِقَ هَلُوعًا» قيل: الهلوع الحريص الضجور، يعني خلق مشتهيًا فهو يَسْتَبِقُ إلى شهواته، ويقل صبره عنها؛ لأنه تعالى خلقه مشتهيًا، والشهوة تدعوه إلى الحرص والضجر، وقد أمر بالصبر وقلة الحرص، وإنما خلق كذلك؛ لأن التكليف لا يصح إلا بالشهوة فهذا هو حقيقة المعنى، واختلف عبارات المفسرين عن الهلوع وأكثروا، فقيل: الهلع: شدة الجزع مع الحرص والضجر، عن ابن عباس، وعكرمة، وقيل: الحريص على ما لا يحل له، عن ابن عباس رواه أبو صالح عنه، وقيل: هو الذي قال تعالى: {إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ٢٠ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ٢١}، عن عطية عن ابن عباس، وقيل: شحيحًا، عن سعيد بن جبير، وقيل: جَزُوعًا، عن قتادة، وابن زيد، وقيل: حريصًا شرهًا، عن مجاهد، والضحاك، وقيل: ضيق القلب، عن مقاتل، وقيل: خلقه الله تعالى يحب ما يسره ويرضيه ويكره ما يدهيه، ثم تعبده بإنفاق ما يحب، والصبر على ما يكره، عن الأصم، وقيل: عجولاً، عن عطاء، وقيل: إذا مسه الخير لم يشكر، وإذا مسه الشر