قوله تعالى: {فمال الذين كفروا قبلك مهطعين 36 عن اليمين وعن الشمال عزين 37 أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم 38 كلا إنا خلقناهم مما يعلمون 39 فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون 40 على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين 41 فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون 42 يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون 43 خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون 44}
  وَالْمَغَارِبِ» قيل: مشارق الشمس ومغاربها، قال ابن عباس: للشمس ثلاثمائة وستون مطلعًا تَطلع كل يوم من مطلع لا تعود إلى قابل، وقيل: مشارق الشمس والقمر والنجوم ومغاربها، أي: يخالف ذلك «إِنَّا لَقَادِرُونَ. عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيرًا مِنْهُمْ» أي: من قدر على خلق غيرهم، وقد يكون ذلك الغير خيرًا منهم.
  ومتى قيل: فهلا بدلهم بمن هو خير منهم؟
  قلنا: أجل فقد بدلهم بالمهاجرين والأنصار، وهم خير منهم، وقيل: ابتداء الخلق لا يجب على الله تعالى، وإن علم أنه خير لا مفسدة فيه؛ لأنه تَفَضُّلٌ، وهذا قول مشايخنا البصريين؛ لأن عندهم يجوز أن يخلق كل من علم أنه يكفر، ولا يخلق من علم أنه يؤمن، وعند البغدادية فيقولون: إن التبديل بهم لم يكن أصلح؛ فلذلك لم يفعل، وظاهر الآية يدل أنه لم يبدل.
  «وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ» يعني بفوت عذابنا إياهم، فلو سبقوا عقابنا لسبقونا، وقيل: وما أهل سلطاننا بمسبوقين، وقيل: وما نحن بعاجزين عن ذلك إذا شئنا، عن أبي علي، وقيل: وما نحن بمغلوبين، عن أبي مسلم. «فَذَرْهُمْ» دعهم، وهو تهديد ووعيد «يَخُوضُوا» في باطلهم «وَيَلْعَبُوا» بأمر دنياهم «حَتَّى يُلاَقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ» يعني يوم القيامة قيل: معناه: دعهم؛ فإني أجازيهم يوم القيامة بما يستحقون «يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأجدَاثِ» من القبور «سِرَاعًا» قيل: لشدة السوق يسرعون «كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ» قيل: كأنهم إلى عَلَمٍ نُصِبَ لهم يسعون إليها، عن أبي علي، وأبي مسلم، وقيل: كأنهم إلى أوثانهم يسعون للتقرب إليهم في الدنيا «يُوفِضُونَ» يسعون إليها، عن ابن عباس، وقتادة، وقيل: يستبقون، عن أبي العالية، ومجاهد. «خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ» أي: ذليلة خاضعة بالعذاب، وقيل: تخشع أبصارهم؛ لأنهم لا يستطيعون النظر من هول ذلك اليوم «تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ» يلحقهم هوان، قيل: هو سواد وجوههم، وقيل: هو ما يلحقهم من الملائكة الموكلين بعذابهم «ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ» فلا يصدقون به.