قوله تعالى: {فمال الذين كفروا قبلك مهطعين 36 عن اليمين وعن الشمال عزين 37 أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم 38 كلا إنا خلقناهم مما يعلمون 39 فلا أقسم برب المشارق والمغارب إنا لقادرون 40 على أن نبدل خيرا منهم وما نحن بمسبوقين 41 فذرهم يخوضوا ويلعبوا حتى يلاقوا يومهم الذي يوعدون 42 يوم يخرجون من الأجداث سراعا كأنهم إلى نصب يوفضون 43 خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون 44}
  المنافقون، عن أبي مسلم، وقيل: هذا لا يصح؛ لأن السورة مكية، ولأن المنافقين كانوا لا يظهرون الكفر في مجلس رسول الله ÷، فالأقرب أنهم كفار أهل مكة، وقيل: مسرعين إليك، وكانوا أسرعوا ليأخذوا الحديث منه ثم يتفرقون عزين بالتكذيب عليه؟! عن الحسن، وقيل: أسرعوا إليه كشخوص المتعجب منه، وقيل:
  أسرعوا إليه بطلب عيب له، وقيل: فمال الَّذِينَ كفروا مسرعين في نيل الجنة وطمع الثواب مع الإقامة على الكفر، وليس معهم ما يوجب ذلك، عن أبي علي. «عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ» أي: فرقًا فرقًا وعصبة عصبة، وجماعة جماعة، متفرقين «أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ» مع ما عليه من الكفر، عن أبي علي، وقيل: بغير إيمان وعمل يجرون مجرى المؤمن «كَلَّا» أي: لا يكون كذلك ولا يدخلونها «إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ» قيل: من النطفة، عن الحسن، وقيل: من قَذَرٍ، عن قتادة، قيل: من كان أصله من هذا الماء المهين فكيف يستوجب الجنة بأصله وبنفسه؟ إنما يستوجبها بالأعمال الصالحة، وقيل: كلهم من نطفة، وإنما يتفاضلون بالأعمال، وقيل: القادر على خلق هذه الصور العجيبة قادر على تعذيبهم، فاعبدوه ولا تخالفوا أمره، واحذروا عقابه، فهو الذي تحق له العبادة، وكان أبو بكر ¥ يصف بدو خلق ابن آدم في البطن، ويقول: يخرج من مخرج البول مرتين، ويقع في الرحم نطفة ثم علقة، نم يخرج فيتلوث في بوله وخريه حتى يقذر السامع نفسه، وقيل: خلقناهم من أجل ما يعلمون، وهو التعريض للثواب والأمر والنهي، كقوله: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات: ٥٦] فحذف (أجل)، كقول الشاعر:
  أَأَزْمَعْتَ مِنْ آلِ لَيْلَى ابْتِكَارًا ... وَشَطَّتْ عَلَى ذِي هَوًى أَنْ تُزارَا
  أي: من أجل آل ليلى، وقيل: (ما) بمعنى (مَنْ)، أي: خلقناهم ممن يعلمون لا كالبهائم، وقيل: خلقناهم من أسلاف مشركين، فهديناهم لينظروا ويشكروا نعمه عليهم. «فَلَا أُقْسِمُ» بينا الكلام في نفي القسم في سورة (الحاقة) «بِرَبِّ الْمَشَارِقِ