التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم 1 قال ياقوم إني لكم نذير مبين 2 أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون 3 يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون 4}

صفحة 7092 - الجزء 10

  · القراءة: أكثر القراء والنحويين على إظهار الراء في «يغفر» لئلا يخل بها الإدغام من جهة ما فيها من التكرير، واختار أبو عمرو الإدغام؛ لأن ذهاب التكرير لا يخل.

  · اللغة: الإنذار: الإعلام بموضع المخافة ليتقى، أَنْذَرَهُ إنذارًا، والنذير والمنذر: الرسول.

  والأجل: الوقت، يقال: أَجَلُ دينه كذا؛ أي: وقْتُهُ.

  · الإعراب: قيل: في قوله: «أنْ أنذر» معناه: بأن أنذر، فحذف الباء كما يقال: أرسلت فلانًا بكذا، فعلى هذا محل (أنْ) نصب على سقوط الباء، وقيل: موضعه جر لقوة حذفها مع (أنْ).

  و (مِن) في قوله: «مِنْ ذُنُوبِكُمْ» قيل: صلة، وتقديره: يغفر ذنوبكم، وقيل: للتبعيض، أي: بعض ذنوبكم وهي الصغائر إذا اجتنبت الكبائر، وقيل: الذنوب السالفة، عن الحسن، وأبي علي، وقيل: (مِنْ) بمعنى (عن)؛ أي: يصفح عن ذنوبكم، وقيل: دخل لتمييز الذنب من غيره لا لتبعيض الذنوب، عن الزجاج.

  · المعنى: «إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ» أي: أرسلناه لينذر قومه، وقيل: أرسلناه وأمرناه لينذر قومه، أي: يخوفهم «مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» موجع، وهو عذاب الاستئصال في الدنيا، وقيل: ينذرهم عذاب الدنيا قبل عذاب الآخرة، عن الحسن، وقيل: عذاب الآخرة، فجاءهم وخوفهم وأدى الرسالة فـ «قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ» أي: رسول مخوف «مُبِينٌ» أي: مبين وجوه الأدلة في الوعيد، وبيان العذاب، وأداء الرسالة، وبيان الأحكام ومعالم الدين.