قوله تعالى: {وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا 6 وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا 7 وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا 8 وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا 9 وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا 10}
  واللمس: المماسة، لمسه بيده لمسًا، ومنه يسمى الجماع ملامسة، قال أبو مسلم: لمست والتمست بمعنى، و «فعلت وافتعلت» يجيء بمعنى، كقولهم:
  كسبت واكتسبت، وعملت واعتملت، وهذا من ذاك.
  الحَرَسُ: جمع حارس نحو: «قاعدٍ وقَعَدٍ»، و «راصِدٍ ورَصَدٍ»، والحَرْسُ: الحفظ، حرسته أَحْرُسُهُ: إذا حفظته.
  والشهب: جمع شهاب، وهو قطعة من النار.
  والرَّصَدُ: جمع راصد، وهو الحافظ، ويُقال: المرصاد الطريق.
  · الإعراب: «وجدناها» يعني: السماء، فمحل الكناية نصب.
  و «ملئت» اسمه في التاء، وخبره: «حرسًا» وهو ما لم يسم فاعله.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى حاكيًا عنهم فساد طريقة الإنس والجن في الاستعاذة، فقال سبحانه: «وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنسِ» أي: من بني آدم «يَعُوذُونَ» يعتصمون «بِرِجَالٍ مِنَ الْجنِّ» قيل: كان الرجل منهم إذا نزل الوادي في سفره ليلاً قال: أعوذ بعزيز هذا الوادي من شر سفيه قومه، عن الحسن، وقتادة، ومجاهد، وقيل: أول من تعوذ بالجن قومٌ من اليمن، ثم بنو حنيفة، ثم فشا في العرب، عن مقاتل، وهذا كان منهم على حسب اعتقادهم أن الجن تحفظهم، وقيل: يعوذون أي: يعتصمون بالجن في الانقطاع إلى الشيطان وحزبه بالطاعة، واتباعه فيما يدعوه إليه، عن أبي مسلم، وقيل: «يعوذون» أي: يظهرون الاتصال برجال ذكروا لهم من الجن، ويظهرون الميل إليهم والاستعاذة بهم، عن أبي علي، وقيل: معناه: وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من معرة الجن، عن أبي القاسم. «فَزَادُوهُمْ رَهَقًا» يعني زاد الجنُّ الإنسَ رهقًا، وقيل: زاد الإنسُ الجنَّ رهقًا استعاذتهم بهم، واختلفوا في قوله: «رَهَقًا» قيل: إثمًا، عن