التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون 219 في الدنيا والآخرة}

صفحة 877 - الجزء 1

  · القراءة: قرأ حمزة والكسائي «كثير» بالثاء، والباقون بالباء، وهو الاختيار لقوله: «أكبر»، ولقوله: {حُوَبًا كبَيرا} ولأن أكثر القراء عليه، وقرأ أبو عمرو «قل العفوُ» بضم الواو، والباقون بالنصب، ووجه الرفع على معنى الذي ينفقون هو العفو، ووجه النصب على معنى: قل أنفقوا العفو.

  · اللغة: الخمر: أصله الستر، خمرت الإناء: غطيته، ومنه يسمى الخمار؛ لأنه يغطي الرأس.

  والميسر: القمار، وقيل: أخذ من اليسر، وهو وجوب الشيء لصاحبه، من قولهم: تيسر لي هذا الشيء، والياسر الواجب بقداح. وقيل: يسمى ميسرًا؛ لأنه يجزأ أجزاء فكأنه موضع التجزئة لكل، وكل ما جزأته فقد يسرته، والياسر الجازر، كأنه يجزئ لحم الجزور، وقيل: أخذ من اليسر بضم الياء، وهو تسهيل الشيء، ومنه سمي الميسر الجزور؛ لأنهم كانوا يشتركون في الجزور لتسهيل أمرها إلا أنه على جهة القمار، وذلك أنهم كانوا يجعلونها أقسامًا يتقامرون عليها بالقداح على عادة لهم في ذلك، وذكر أبو مسلم أنهم كانوا يبتاعون جزورًا ثم يجيلون القداح عشرة، لسبعة منها أنصباء معروفة، وعليها علامات مختلفة، وثلاثة يكثر بها القداح، فمن خرج له قدح منها فله من اللحم مثل نصيب ذلك القدح، وعليه من ثمنه مثله، ومن خاب فلم يخرج له قدح، أو كان قدح من التي لا نصيب لها لم يكن له في اللحم