قوله تعالى: {ذرني ومن خلقت وحيدا 11 وجعلت له مالا ممدودا 12 وبنين شهودا 13 ومهدت له تمهيدا 14 ثم يطمع أن أزيد 15 كلا إنه كان لآياتنا عنيدا 16 سأرهقه صعودا 17 إنه فكر وقدر 18 فقتل كيف قدر 19 ثم قتل كيف قدر 20 ثم نظر 21 ثم عبس وبسر 22 ثم أدبر واستكبر 23 فقال إن هذا إلا سحر يؤثر 24 إن هذا إلا قول البشر 25}
  نسبه إلى السحر، «ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ» أي: كلح وقطب لمَّا لم يحضره من القول ما كان يرتضيه في إبطال أمر النبي ÷، وقيل: كان بين أمرين: الإصرار على الكفر مع لزوم الحجة، ومعرفة الحق، أو اتباع الحجة، مع رفض الجاه، وكونه متبوعا، فدعاه ذلك إلى. أن قَطبَ «ثُمَّ أَدْبَرَ» أي: أعرض وتولى «وَاسْتَكْبَرَ» ترفع عن قبول الحق «فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ» يروى ويحكى، يعني: يرويه محمد عن غيره أو عمن تقدم، وقيل: يأثره عن أهل بابل، وقيل: يأثره عن مسيلمة، وقيل: عن نساء زوجه «إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ» ولم يعلم أنه لو كان قول البشر لقدر هو وغيره مع فصاحتهم على أمثاله.
  · الأحكام: تدل الآيات على أن كثرة النعم توجب عظم عصيان المنعم.
  وتدل على أن لله تعالى على الكفار نعمًا، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ.
  وتدل على أن أحوال الدنيا من نعمه تعالى.
  وتدل على أن مزيد النعم قد يكون مفسدة لذلك قال: {ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ١٥ كَلَّا إِنَّهُ كَانَ لِآيَاتِنَا عَنِيدًا ١٦}.
  وتدل على إعجاز القرآن؛ لأنهم مع شدة عداوتهم لرسول الله ÷، وحرصهم على إبطال أمره، وهو تحداهم بالقرآن وأوعدهم، وكل داع يدعو إلى شيء كان حاصلاً في معارضته، ثم مع ذلك لم يعارضوه، وعدلوا إلى الكذب والألقاب والقتال فعلم أن عدولهم لعجزهم؛ إذ عدلوا عما فيه بطلان أمره مع سهولته إلى ما شق، ولا يدل على بطلانه، فعلم أنه معجز.
  وتدل على أن الكفر لإبطال الحق يقبح، فتدل على قول أبي هاشم: إن في النظر ما يقبح، خلاف قول أبي علي.
  وتدل أن الفكر والعبوس فعلُ العبد.