التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ذرني ومن خلقت وحيدا 11 وجعلت له مالا ممدودا 12 وبنين شهودا 13 ومهدت له تمهيدا 14 ثم يطمع أن أزيد 15 كلا إنه كان لآياتنا عنيدا 16 سأرهقه صعودا 17 إنه فكر وقدر 18 فقتل كيف قدر 19 ثم قتل كيف قدر 20 ثم نظر 21 ثم عبس وبسر 22 ثم أدبر واستكبر 23 فقال إن هذا إلا سحر يؤثر 24 إن هذا إلا قول البشر 25}

صفحة 7159 - الجزء 10

  ثلاثة: خالد، وهشام، وعمارة، وقيل: كان بنوه لا يغيبون عنه لغناهم عن ركوب السفر للتجارة، فكان لا يستوحش مفارقتهم، ويخدمونه، وهم زين له في ناديه، وعون على أموره وأعاديه «وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا» أي: نبسط له أحوال الدنيا حتى صارت كلها متناسبة في الحسن، وقيل: كان مكفي المؤنة من كل وجه «ثُمَّ يَطْمَعُ» قيل: فعلت به كل ذلك، فلم يشكرني؛ بل كفر نعمي، ثم هو مع ذلك يطمع ويرجو «أَنْ أَزِيدَ» في إنعامه «كَلَّا» أي: لا يكون كما ظن، ولا أزيده مع كفره، وقيل: كان الوليد بعد نزول هذه الآيات في نقصان من ماله وولده حتى هلك، وقيل: يطمع مع ذلك في الجنة والثواب، كلا لا يكون ذلك، فذرني وإياه فإني أكفيك أمره، و (كَلَّا): إياس وقطع للرجاء، وقيل: «كَلَّا» ابتداء قسم؛ أي: حقًا إنه كان لآياتنا. ثم بَيَّنَ كفره، فقال: «إِنَّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا» أي: لحججنا معاندًا، ينكر مع معرفته بها، وقيل: عرف الحق وأن القرآن معجز وأنه رسول، فمنعه أبو جهل عن الإيمان، وقيل: عنيد جحود، عن ابن عباس، وقتادة. «سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا» قيل: سأكلفه مشقة من العذاب لا راحة فيه، وقيل: صعود: جبل من نار يؤخذ بارتقائه، فإذا وضع يده عليه ذابت، فإذا رفعها عادت، وكذلك رِجْله في خبر مرفوع، وقيل: صعود: جبل في جهنم من نارٍ يضرب بالمقامع حتى يصعد عليه، ثم يضرب حتى ينزل، ذلك دأبه أبدًا «إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ» قيل: فكر في نفسه لإبطال القرآن، ونبوة النبي ÷، وقَدَّرَ فيه ليبطله، وقيل:

  قَدَّرَ: هل يمكنه أن يقول فيه بما يبطله؟ وفكَّر هل يجد مطعنًا؟ وقيل: قَدَّرَ: قال: إن قلنا: كاهن لم يصدقونا؛ لأن كلامه لا يشبه كلام الكهان، وإن قلنا: شاعر، فليس كلامه بشعر، وإن قلنا: ساحر، لا يأتي بما يأتي السحرة، فلما أعجزه فكَّر، وقال عن عناد: إنه سِحْر [يؤثر]، «فَقُتِلَ» قيل: لعن، وقيل: استحق العذاب، عن أبي علي، وقيل: عُذِّب، عن الزهري، وقيل: هو ذم لهذا الكافر، عن الحسن. «كيفَ قَدَّرَ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ» قيل: كيف قدر في آياتنا ما قدر مع وضوح الحجة، فلعن وعوقب بعقاب آخر، كيف قدَّر في إبطال الحق تقديرًا آخر، وقيل: عوقب في الآخرة مرة بعد مرة، وقيل: لما ترادف نظره ترادف من الله الغضب والعذاب «ثُمَّ نَظَرَ» قيل: إلى النبي منكرًا لنبوته مغضبًا عليه، وقيل: نظر بأي شيء يجيب قومه إذا لم يجد مطعنًا، ثم