التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سأصليه سقر 26 وما أدراك ما سقر 27 لا تبقي ولا تذر 28 لواحة للبشر 29 عليها تسعة عشر 30 وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر 31}

صفحة 7164 - الجزء 10

  ليعلموا أنه يقدر أن يجعل في واحد من القوة ما يقوم بخلق كثير، وقيل: هي في التوراة والإنجيل: تسعة عشر، عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك. «وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا» قيل: ليظهر إيمانهم أيضًا كما ظهر لغيره ليزدادوا إيمانًا، وقيل: لأنه يخبرهم بما لا يعلم إلا الله فيعلمون أنه معجز، وأنه كلام الله سبحانه. وقيل: يؤمنون بعظم بنيتهم وكثرة قوتهم «وَلاَ يَرْتَابَ» لا يشك «الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ» في أنه الحق، وفي قدرة الله على ما يشاء، وفي نبوة النبي ÷ «وَلِيَقُولَ» قيل: اللام لام العاقبة، يعني إذا سمعوا قالوا هذا، وغرضهم التكذيب، وقيل: هو على وجه الإخبار عنهم «الَّذِينَ فِي قُلُوبهمْ مَرَضٌ» قيل: نفاق، وقيل: خلاف وكفر؛ لأن الآية مكية وليس بها نفاق «وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا» قيل: ببيان هذا العدد وما معنى تسعة عشر، يزدادون شكًّا كما يزداد المؤمنون إيمانا، وقيل: قالوا: ما معنى التخويف بتسعة عشر مع كثرة عددنا؟ وظنوا أن العدد شرط، ولم يعلموا أنه يقدر على أن يجعل واحدًا بحيث يقوم بعدد جَمٍّ «كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ» الكاف للتشبيه؛ أي: كما جعلنا خزنة النار ملائكة ذوي عدد محنة واختبارًا، كذلك يكلف ليظهر الضلال والهدى، فأضاف ذلك إلى نفسه؛ لأن سببه التكليف فهو من جهته ليظهر المصدق والمكذب، وقيل: يضل عن طريق الجنة والثواب من يشاء ويهدي إليه من يشاء، وقيل: يهلك من يشاء ويثيب من يشاء، عن أبي مسلم، وقيل: يحكم بضلال من يشاء، وبهداية من يشاء على حسبما يوجد منهم، وقيل: كما أصلى هذا الكافر سقر كذلك يفعل الله بمن يشاء أن يضله أو يثيبه، وقيل: (كذلك) بمعنى: أن ما وصف من حال المعذبين بأيدي الملائكة وما وصف من حالهم أنه على ما وصف أنه يعذب من يشاء ويصرفه عن الجنة، ويهدي إليه من يشاء، عن أبي علي.

  ثم بَيَّنَ تعالى أن عدة الخزنة ليس عن قلة، ولكن لمصلحة، فقال سبحانه: «وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ» أي: لا يعلم جنسهم وعددهم إلا هو، قيل: من كثرتهم، عن قتادة، وقيل: عدتهم ومقدار شدتهم «وَمَا هِيَ» قيل: الموصوفة بهذه الصفات، عن مجاهد، وقتادة، وقيل: ما هي سقر، وقد تقدم ذكره، وأنواع العذاب لم يبينها إلا