التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سأصليه سقر 26 وما أدراك ما سقر 27 لا تبقي ولا تذر 28 لواحة للبشر 29 عليها تسعة عشر 30 وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وما يعلم جنود ربك إلا هو وما هي إلا ذكرى للبشر 31}

صفحة 7163 - الجزء 10

  · المعنى: ثم عقَّب ذكر الكافر بالوعيد له، فقال سبحانه: «سَأُصْلِيهِ سَقَرَ» أي: سأدخله النار، وألزمه دائمًا، وسقر: قيل: درك من دركات جهنم، وقيل: باب من أبوابه، وقيل: اسم من أسمائه «وَمَا أَدْرَاكَ» أيها السامع «مَا سَقَرُ»: شدته وكنهه ومقداره «لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ» قيل: هو نهاية الوصف بالإحراق، أي: تحرق كل شيء، عن أبي مسلم، وقيل: لا تبقي مَنْ فيها حيًّا، ولا تذره ميتًا، لكن تحرقهم كلما جدد خلقهم، عن مجاهد، وقيل: لا يبقى أحد من أهلها أن تتناوله، ولا تذره من العذاب، وقيل: لا تُبْقِي شيئًا إلا أحرقته تعذيبًا، «وَلاَ تَذَرُ» أي: لا إبقاء عليهم؛ بل تبلغ مجهودهم في أنواع العذاب، عن أبي علي، وقيل: لا تبقي لهم لحمًا، ولا تذر لهم عظمًا، عن السدي، وقيل: إذا أخذت فيهم لم تُبْقِ منهم شيئًا، وإذا أعيدوا لم تذرهم حتى تفنيهم، ولكل شيء فَتْرَةٌ وملالة إلا لجهنم، عن الضحاك. «لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ» مغيِّرة

  للجلود تلوح ألوانهم لا سيما إذا اشتد سوادهم، وقيل: إذا شاهدها المعذب تغير لونه، قال مجاهد: تلفح الجلد لفحة فتدعه أشد سوادًا من الليل، وقيل: محرقة للجلود، عن ابن عباس، وزيد بن أسلم، وقيل: تلوح لهم جهنم حتى يروها عيانًا، عن الحسن، والأصم. «عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ» قيل: تسعة عشر صنفًا، وقيل: تسعة عشر نقيبا، ولهم أعوان، وقيل: تسعة عشر جنسًا، وقيل: تسعة عشر ملَكًا، وعليه أكثر المفسرين، وإذا وقع الكفاية بهَؤُلَاءِ فلا معنى لضم الزيادة إليها، وقيل: إنما خص تسعة عشر ليوافق خبر النبي ÷ أخبار الأنبياء، وما كان في الكتب المتقدمة، وكان فيها أن عددهم تسعة عشر، وقيل: هَؤُلَاءِ خزان سقر، وللنار، ودركاتها الأخر خُزَّانٌ أُخَرُ «وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلاَئِكَةً» أي: جعلنا الخزنة ملائكة «وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ» أي: عددهم «إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا» أي: شدة تعبد واختبار؛ لأنه كلفهم تصديقه، وامتحن أهل الكتاب ليعلموا صدقه، وقيل: جعل قلة عددهم فتنة ليعلموا أنه قادر على تقويتهم، وأنهم يقومون مقام العدد الكثير، عن الأصم. «لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ» من اليهود والنصارى أنه حق؛ لموافقة خبره لما في كتبهم، وقيل: