التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون 219 في الدنيا والآخرة}

صفحة 883 - الجزء 1

  الخمر في الأمة فلما استحلوا النبيذ علم أنه غيره، والفَضِيخُ ما يتخذ من البسر، والبِتَعُ يتخذ من العسل، وقد جاء في هذا آثار كثيرة، وليس هذا موضعه.

  فأما الفصل الثاني: الكلام في الميسر، وهو القمار، فتدل الآية على تحريمه، ويدخل فيه كل لعب يدخل فيه الرهان، لما فيه من أخذ المال بالباطل، وكل شيء فيه قمار فهو من الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز، عن عطاء ومجاهد. وقيل: النرد والشطرنج من الميسر، عن علي #. وأما السبق في الخف والحافر والرمي على ما ورد به الشرع فليس بقمار؛ لأنه تقوية على أمر الجهاد، والذي يحل منه المسابقة على الأقدام، وفي الخف وفي الحافر بعوض وبغير عوض، وللشافعي قولان:

  أحدهما: يجوز بغير عوض، والآخر مثل قولنا، وهذا في الأقدام، وفي الخف والحافر اتفاق، وإذا شرط العوض من الجانبين لم يجز بالاتفاق، فأما بدل العوض في الصراع فعندنا جائز، وعند الشافعي لا يجوز، وفيه وجه آخر أنه يجوز، وهل يلزم العوض بالعقد أو بوجود السبق؟ عندنا بوجود السبق، وللشافعي قولان: أحدهما مثل قولنا.

  والثاني: أنه عقد لازم كالإجارة إذا شرط في عقد المسابقة شرطًا فاسدًا عندنا يصح العقد، ويبطل الشرط، وعند الشافعي يفسد العقد.

  فأما الفصل الثالث: الكلام في النفقة، فقيل: إنها في التطوع، وهو ثابت، وقيل: هو فرض ثابت وهو الزكاة، عن مجاهد والأصم وأبي مسلم. وقيل: هو فرض منسوخ بآية الزكاة، عن السدي. ولا مانع من حمله على الزكاة، فلا يصح القول بنسخه.