التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون 219 في الدنيا والآخرة}

صفحة 882 - الجزء 1

  بدليل، فأما عصير العنب إذا طبخ فقيل: إذا طبخ أدنى طبخة حَلَّ، عن ابن عُلَيَّة وبشر المريسيّ، وقيل: إذا ذهب نصفه حَلَّ، عن جماعة، وقيل: إذا ذهب ثلثاه وبقي ثلثه، وهو مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف وسفيان الثوري وجماعة، وهو المروي عن عمر وعلي وابن مسعود. وأبي الدرداء والحسن وسعيد بن المسيب وعلقمة. وقيل: ما أسكر كثيره فقليله حرام، ويستوي فيه النيّء والمطبوخ، عن محمد ومالك والشافعي.

  وثالثها: الكلام في الأشربة: فقد قال أصحابنا: الأشربة على ثلاثة أنواع: الأول العنبي، والثاني: التمري والزبيبي، والثالث: سائر الأشربة. فأما العنبي: فعلى أربعة أوجه:

  الخمر، وقد بينا حدها، ولا يجوز بيعها وشراؤها، ولا شربها، والمروي عن النبي ÷ أنه لعن في الخمر عشرة. وثانيها: ما طبخ أدنى طبخة لا يحل شربه ولا بيعه، والمنصف يجوز بيعه، ولا يجوز شربه، وإذا ذهب ثلثاه يحل بيعه وشربه. لا للهو والطرب إلا القدح المسكر فإنه حرام، وقال الشافعي: ما أسكر كثيره فقليله خمر حرام.

  فأما التمري والزبيبي إذا طبخ أدنى طبخة حل شربه، وفي جواز بيعه روايتان، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد والشافعي: لا يحل.

  فأما سائر الأشربة فيما يتخذ من العسل والسكر والذرة فحلال وإن لم يطبخ، وقال ابن علية وبشر المريسي: ما عدا الخمر المتفق عليه حلال، وقال محمد: ما أسكر كثيره فقليله حرام، وهو قول مالك والشافعي، وقد ثبت عن الصحابة شرب المطبوخ، وثبت أن كل شراب اختص باسم فلا يدخل في اسم الخمر. قال أئمة اللغة حكاية عن العرب إنهم سموا عصير العنب النيِّء المشتد خمرًا، وما اتخذ من غير العنب فليس بخمر، وسموا بعضه الطِّلا، وبعضه الخَلِيطَيْن، وبعضه النبيذ، وبعضه الفَضِيخَ، وبعضه البِتَعُ، وباختلاف الأسماء يعلم التفرق بين المسميات، وقد بين ذلك أبو حاتم وابن دريد وأبو عبيدة ويعقوب وغيرهم، والذي يؤكد ما قلنا إجماع الأمة على تحريم الخمر، وتكفير من استحله بخلاف سائر الأنبذة، وأحد لا يستحل