التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا 7 ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا 8 إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا 9 إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا 10}

صفحة 7206 - الجزء 10

  وقال الكسائي: اِقْمَطَرَّ اليومُ وازْمَهَرَّ اقمطرارًا وازمهرارًا، وهو الزمهرير والقمطرير.

  · النزول: إن الآية نزلت في رجل من الأنصار أطعم في يوم واحد مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا، عن مقاتل، وأبي حمزة الثمالي، وذلك أن مسكينًا جاء إلى النبي ÷، فقال: أطعمني، فقال: «ليس عندي ما أطعمك، ولكن اطلب»، فأتى الأنصاري، وهو يتعشى فقال: أتيت النبي ÷ فقال كذا، فقال الأنصاري لامرأته: ما ترين؟ قالت: أطمعه وأسقيه، ففعل، ثُمَّ أتى النبيَّ ÷ يتيمٌ، وقال: أطعمني، فقال: «ليس عندي ما أطعمك ولكن اطلب»، فأتى الأنصاري فأطعمه، ثم أتى النبيَّ ÷ أسيرٌ، واستطعمه فقال: «ما عندي ما أطعمك، ولكن اطلب»، فأتى الأنصاري فأطعمه، فكان ذلك في ساعة واحدة، ففيه نزلت هذه الآية.

  وقيل: بل نزلت في علي، وفاطمة، والحسن، والحسين وجارية لهم تسمى فضة، عن ابن عباس، ومجاهد، وأبي صالح، وذلك في قصة طويلة جملتها:

  قالوا: مرض الحسن والحسين، فعادهما جدهما، ووجوه العرب، وقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولدك نذرًا، فنذر صوم ثلاثة أيام إن شفاهما الله تعالى، فنذرت فاطمة كذلك، وكذلك فضة، فبرئا، قصاموا وليس عندهم شيء، فاستقرض علي من شمعون اليهودي الخيبري ثلاثة أصواع شعيرًا، وروي أنه أخذها لتغزل له فاطمة صوفًا، فجاء به إلى فاطمة فأخذت صاعًا وطحنته واختبزته، وصلى علي المغرب، فقربته إليهم، فأتاهم مسكين يدعو لهم ويسألهم، فأعطوه ولم يذوقوا إلا الماء، فلما كان في اليوم الثاني أخذت صاعًا وطحنته واختبزته وقدمته إلى علي،