التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسرورا 11 وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا 12 متكئين فيها على الأرائك لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا 13 ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا 14 ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا 15 قوارير من فضة قدروها تقديرا 16 ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا 17 عينا فيها تسمى سلسبيلا 18}

صفحة 7213 - الجزء 10

  في القلب، وقيل: لقاهم عند خروجهم من القبور ببشارة الملائكة «وَلَقَّاهُمْ» أي: استقبلهم به وأعطاهم «وَجَزَاهُمْ» أي: كافأهم «بِمَا صَبَرُوا» على طاعاته وعن معصيته «جَنَّةً» يسكنونها «وَحَرِيرًا» أي: ديباجًا يلبسونها ويفرشونها «مُتَّكِئِينَ» أي: جالسون جلوس الملوك «فِيهَا» أي: في الجنة «عَلَى الْأَرَائِكِ» أي: الحجال فيها الأسرة، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وقيل: كل ما يتكأ عليه فهو أريكة، عن الزجاج.

  وقيل: الفرش فوق الأسرة، عن أبي مسلم. «لاَ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلاَ زَمْهَرِيرًا» قيل: لا حرًّا ولا بردًا. والزمهرير: البرد الشديد، عن مجاهد. «وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ» أي: قريبة عليهم «ظِلاَلُهَا» أي: ظلال أشجارها، وقيل: ظلال الجنة، لا تنسخها الشمس كظلال الدنيا «وَذُلِّلَتْ» سخرت وسهلت «قُطُوفُهَا» أخذ ثمارها «تَذْلِيلاً» تسخيرًا. قيل: إن قام ارتفعت بقدره، وإن قعد نزلت بقدره حتى تنالها يده، وإن اضطجع تدلت حتى ينالها، عن مجاهد. «وَيُطَافُ عَلَيهِمْ» أي: يدار «بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ» قيل: إناء فيه شراب من غير عروة. وقيل: الأقداح، عن مجاهد. «كَانَتْ» يعني الإناء والأقداح «قَوَارِيرَ» زجاج «قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ» وقيل: ببياض الفضة في صفاء القوارير، فصفاؤها صفاء الزجاج، وهي من فضة، عن ابن عباس. وقيل: إنه تعالى جعل قوارير كل قوم من ترابهم، وتراب الجنة من فضة، فجعل منها قوارير، عن الكلبي. «قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا» يعني أن الخدم يعرفون قدر حاجاتهم، وقدر شهوتهم، فيقدرون ذلك بما لا يزيد، ولا ينقص. وقيل: على قدر ملء الكف، عن الربيع، والقرظي. وقيل: قدرت الأواني على شكل في نهاية الحسن لم يعهد مثلها من القوارير. وقيل: قدروها على صفات فجاءت كما قدرت منية المتمني. وقيل: قدر ربهم، عن الحسن. «وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا» اسم القدح مملوءًا كأسًا «كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً» إنما ذكر الزنجبيل على عادات الحرب إذا استطابوا شيئًا وصفوه بالزنجبيل على ما ذكرنا «عَينًا [فِيهَا]» أي: من عين «تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً» أي: توصف بذلك. قيل: سلسة منقادة لهم يصرفونها حيث شاؤوا، عن قتادة. وقيل: شديدة الجرية، عن مجاهد. وقيل: طيبة الطعم والمذاق. وقيل: