قوله تعالى: {إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا 27 نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا 28 إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا 29 وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما 30 يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما 31}
  تشاؤون يعني المنة لله عليكم لو شئتم الطاعة لا لكم، حيث شاءها لكم عند التكليف، وإزاحة العلة والتمكين، ودل عليه وأرشد إليه؛ لأنه عليم بالمصالح، حكيم فيمن كلفه، وفيمن لم يكلفه. وقيل: معناه: ولا يشاء ثواب الكافر إذا لم يسلم، وإن أراد الكافر، فذلك تَشَهٍّ، وأن من يشاء الجنة بغير عمل فالله لا يشاء ذلك ولا يعطيه إلا أن يشاء القديم أن يعطيه مجانًا، وهذا كمن يشاء من القصاب لحمًا بغير دراهم، فيقول له: لست تشاء اللحم حيث تطلبه مجانًا إلا أن أشاء فأعطيك بغير ثمن، وليس إلى ذلك سبيل، وهذا قول أحمد بن مضاء «يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ» أي: لا يجبر على طاعته، يخير ويكلف حتى يظهر المستحق للثواب من غيره، فيعطى كل أحد على قدر الاستحقاق، فحينئذ يدخل من يشاء في رحمته أي: جنته وهم المؤمنون «وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا» وجيعًا، وأراد بقوله: «مَن يَشَاءُ» من يستحق.
  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:
  منها: قبح قضاء النفس على حب الدنيا.
  ومنها: وجوب التفكر في يوم القيامة، والاستعداد لذلك الموقف، وقبح خلافه.
  ومنها: أنه يبقي الكافر لمصلحة.
  ومنها: أن القرآن حجة وتذكرة يجب النظر فيه.
  ومنها: قوله: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ} دلالة على أن العبد مزاح العلة فيما أمر، وإنما أُتِيَ من قِبَلِ نفسه فيما أوبقها.
  ومنها: أن كل ظالم من أهل العذاب، بخلاف قول المرجئة؛ لأن اسم الظالم يقع على كل عاص، يرتكب الكبيرة.
  ومنها: أن الظلم فعل العبد.