التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإذا النجوم طمست 8 وإذا السماء فرجت 9 وإذا الجبال نسفت 10 وإذا الرسل أقتت 11 لأي يوم أجلت 12 ليوم الفصل 13 وما أدراك ما يوم الفصل 14 ويل يومئذ للمكذبين 15}

صفحة 7231 - الجزء 10

  · المعنى: لما تقدم وقوع القيامة بَيَّنَ آثارها، فقال سبحانه: «فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ» أي: في نورها وأزيل ضوؤها «وَإِذَا السَّمَاءُ فُرِجَتْ» شُقَّتْ وصُدِّعَتْ، فصار فيها فروج «وَإذَا الْجِبَالُ نُسِفَتْ» قيل: قلعت من أماكنها، وقيل: نسفها إذهابها بسرعة حتى لا يبقى لها أثر في الأرض، وقيل: دكها وتذريتها، ثم تذريها الرياح «وَإذَا الرسل وُقِّتَتْ» أي: جمعت فأحضرت للوقت الذي كان الله وعد إحضارهم وجمعهم فيها، شهداء على الناس، عن إبراهيم، ومجاهد، وابن زيد، وقيل: عرفت وقت ثوابها؛ لأنهم لا يعرفون ذلك في الدنيا، وقيل: أجلت لوقت ثوابها، وهو يوم الفصل، وقيل: جعلت لها وقت لفصل القضاء بين الأمة، وقيل: ضربت لفنائها وقتًا، وقيل: لإعادتها ميقاتًا «لِأَيِّ يَوْمٍ» قيل: إنما قال: «لأيِّ» تعظيمًا لذلك اليوم «أُجِّلَتْ» أي: أخرت، قيل: أخرت الرسل؛ لأن قوله: (أقتت) يرجع إليهم، والأجل: الوقت، عن أبي مسلم، وقيل: لأي يوم أجل الفصل بين الرسل وأممها في الحكم، وقيل: لأي يوم أخرت ثواب الأولياء وعقاب الأعداء، ثم قال: «لِيَوْمِ الْفَصْلِ» بين العباد تأخر.

  ثم زاد في تفخيم شأن ذلك اليوم، فقال: «وَمَا أَدْرَاكَ» أيها الإنسان «مَا يَوْمُ الْفَصْلِ» أي: يوم القضاء مجازاة المحسن والمسيء، وانتصاف المظلوم من الظالم، وقيل: ما أدراك مقدار الشدة فيه؛ لأنه وإن خبر به كثيرًا فعيانه يزيد على خبره «وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ» أي: العذاب يومئذ لمن كذب بالرسل، وبذلك اليوم، وبجميع ما أنزل الله تعالى.

  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:

  منها: عظم أحوال القيامة، وفيه ترغيب في الطاعة، وتحذير عن المعاصي.

  ومنها: أنه يفصل بين عباده، فيجازي كل أحد بما يستحقه.

  ومنها: عظم عقوبة المكذب، وليس فيه بيان حال غير المكذب، فهو موقوف على الدليل، فلا تعلق للمرجئة، ولا للخوارج بذلك.