قوله تعالى: {ألم نهلك الأولين 16 ثم نتبعهم الآخرين 17 كذلك نفعل بالمجرمين 18 ويل يومئذ للمكذبين 19 ألم نخلقكم من ماء مهين 20 فجعلناه في قرار مكين 21 إلى قدر معلوم 22 فقدرنا فنعم القادرون 23 ويل يومئذ للمكذبين 24 ألم نجعل الأرض كفاتا 25 أحياء وأمواتا 26 وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا 27 ويل يومئذ للمكذبين 28}
  والقدر: المقدار، والقدر: مصدر قدر يقدر قَدْرًا وقَدَرًا، وهو بمعنى قدَّر بالتشديد، إلا أن التشديد للتكثير، والعرب تقول: قدَّر وقدَر بالتخفيف والتشديد، يقال: قدر عليه الموت.
  الكِفَاتُ: انضمام الشيء، كَفَتَ الشيء يَكْفِتُهُ كَفْتًا وكِفَاتًا: إذا ضمه، قال أبو مسلم: الكفت: الضم، وما يضم به الكفات، وكانوا يسمون بقيع الغرقد:
  كَفْتَةً، لأنها مقبرتهم، ومنه الحديث: «اكفتوا صبيانكم» أي: ضموهم إلى أنفسكم، وكل من ضممته إليك فقد كَفَتَّهُ، تقول: كَفَتُّ الشيء فانكفت، أي: ضممته فانضم، والله تعالى جعل الأرض للعباد تكفتهم أحياء وأمواتًا، أي: تضمهم في الحالين، وتقديره: كِفَاتَ أحياءٍ وأموات.
  الرواسي: الجبال الثوابت، وأصله من الثبوت، رست السفينة: إذا ثبتت.
  والشامخات: العاليات، شَمَخَ يَشْمَخُ شَمْخًا فهو شامخ، ومنه: شمخ بأنفه: إذا رفعه كبرًا، والشامخ والباذخ والشاهق نظائر.
  والفرات: العذب من الماء، وهو صفة، يقال: ماء فرات، وماء زلال، وماء غدق، وماء طيب، كله بمعنى.
  · الإعراب: {ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ} رفع عطفًا على موضع {أَلَمْ}، كأنه قيل: كنا نهلك الأولين، ثم نتبعهم الآخرين.
  نصب {أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا} على الحال، ويجوز أن يكون نصبًا؛ لأنه مفعول به، يعني الأحياء والأموات، والفعل الواقع عليهما الكفت.
  · المعنى: ثم دل تعالى على قدرته بما خلق وبما أهلك، فقال سبحانه: «أَلَمْ نُهْلِكِ الأَوَّلِينَ»