قوله تعالى: {ألم نهلك الأولين 16 ثم نتبعهم الآخرين 17 كذلك نفعل بالمجرمين 18 ويل يومئذ للمكذبين 19 ألم نخلقكم من ماء مهين 20 فجعلناه في قرار مكين 21 إلى قدر معلوم 22 فقدرنا فنعم القادرون 23 ويل يومئذ للمكذبين 24 ألم نجعل الأرض كفاتا 25 أحياء وأمواتا 26 وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناكم ماء فراتا 27 ويل يومئذ للمكذبين 28}
  قيل: الأمم المكذبة الأولون في الهلاك، قوم نوح وعاد وثمود «ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ» في الإهلاك «الْآخِرِينَ» قوم إبراهيم، وقوم لوط، وقوم فرعون، وقيل: «ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ» هم الَّذِينَ تقوم عليهم القيامة، عن الحسن، وقيل: معناه: أتبعناهم، عن الأصم. «كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالمجرِمِينَ» قيل: كما فعلنا بأولئك نفعل بالعصاة، وقيل: كذلك دأبنا بالمجرمين «وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ» السالكين سبيلهم في التكذيب، وقيل: كذلك نفعل بهَؤُلَاءِ من عذاب الدنيا، فقتلوا يوم بدر، ويل يومئذ للمكذيين بهذه الأخبار «أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ» يعني النطفة «مَهِينٍ» قيل: ضعيف، عن ابن عباس، وقيل: حقير ذليل لا ينتفع منها بشيء «فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ» أي: في مكان يقر فيه ويثبت «مَكِينٍ» يتمكن ويثبت فيه «إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ» قيل: إلى مقدار من الوقت معلوم، وقيل: إلى أن قدر الله الصورة، وأتم الولد، والقرار المكين: أرحام الأمهات، فيها تصير النطفة بشرًا، وقيل: «إلى قَدَرٍ» إلى وقت الولادة «فَقَدَّرْنَا» بالتشديد معناه: قدَّرنا خلقه ذكرًا أو أنثى طويلًا أو قصيرًا، وقيل: قدرنا أحوال النطفة من تنقله من حال إلى حال حتى يصير حَيًّا «فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ» قيل: نعم المقدرون لذلك، وقيل: قدرنا أنه يكون في الرحم إلى أن يتم خلقه، يخرجه الله تعالى حَيًّا ناطقًا، فتدل على علمه وقدرته، حيث يخرج من بطن كل شيء ما هو من جنسه، وصور أحسن صور ذات أعضاء وحواس، وتراكيب عجيبة من ماء حقير، فنعم المقدر الأشياء على تقدير، وأخرج على لفظ الجمع تفخيمًا على عادة الملوك، يقولون: صنعنا وفعلنا، وبالتخفيف: قدَرنا على جميع ذلك فنعم القادرون نحن لا يقدر على مثله أحد «وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ» بأنا خلقناه، أو أنا لا نعيده «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا» قيل: ذات كفْتٍ؛ أي: ضم وجمع، والأرض كافتة: أي ضامة لهم مشتملة عليهم تضمهم «أَحْيَاءً» على ظهرها، «وَأمْوَاتًا» في بطنها، عن قتادة، ومجاهد، والشعبي، وقيل: تقديره: كفات أحياء وأموات، وعن الشعبي، وأشار إلى الدور: هذه كِفَاتُ الأحياء، وإلى القبور: هذه كفات الأموات. وقيل: كفاتًا وعاء، يقال: هذا كفته، أي