قوله تعالى: {انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون 29 انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب 30 لا ظليل ولا يغني من اللهب 31 إنها ترمي بشرر كالقصر 32 كأنه جمالت صفر 33 ويل يومئذ للمكذبين 34 هذا يوم لا ينطقون 35 ولا يؤذن لهم فيعتذرون 36 ويل يومئذ للمكذبين 37 هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين 38 فإن كان لكم كيد فكيدون 39 ويل يومئذ للمكذبين 40}
  واختلفوا، قيل: تمنعهم الهيبة عن النطق، وقيل: لا ينطقون يأسًا من الرحمة، وقيل: خزنة النار يمنعونهم، وقيل: يختم على أفواههم، وأراد باليوم الوقت، وقيل: بعض اليوم، يقال: أتيتك الجمعة أي: فيها. «وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ» قيل: لا يسمع لهم عذر حتى يعتذروا؛ إذ ليس لهم عذر صحيح، ولو كان عذرًا صحيحًا، وقيل: لا يؤذن لهم في الاعتذار لما علم من حالهم أنه لا عذر لهم، ولو أتوا بعذر صحيح لقبل منهم، وقيل: معناه ليس لهم عذر، عن أبي مسلم، قال الشاعر:
  فَلَوْ أَنَّ قَوْمِي أَنْطَقَتْنِي رِمَاحُهُمْ ... نَطَقْتُ وَلَكِنَّ الرِّمَاحَ أَجَرَّتِ
  وقيل: أيُّ عذر لمن أعرض عن خالقه وكفر أيادي منعمه؟! «وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ» بهذا الخبر «هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ» أي: الحكم والقضاء بين الخلق، والجزاء والانتصار من الظالم للمظلوم، والأعواض على الآلام والمصائب، والإثابة على الطاعات، والعقاب على المعاصي «جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ» يعني كفار هذه الأمة تحشر مع كفار الأمم قبلهم «فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيدٌ فَكِيدُونِ» أي: إن كان لكم حيلة تتخلصون بها من العقاب فاحتالوا، يعني لا حيلة لهم، قيل: يناديهم مناد بذلك، وقيل: لو كان تدبير في قهر المؤمنين، وإلحاق المكروه بهم كما كنتم تدبرون في الدنيا فافعلوا، أي: لا تقدررن على ذلك، وقيل: إن كان لكم كيد في دفع حجج القرآن والدين فافعلوا، أي: لا تجدون إلى ذلك سبيلاً «وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ» بيوم الفصل.
  · الأحكام: تدل الآيات على أشياء:
  منها: أن أهل النار يبعث بهم إليها، مع توبيخ عظيم وسوق شديد.
  ومنها: أنه لا عذر لأحد في معصية الله، ولا حجة، وذلك يبطل مذهب