التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {هل أتاك حديث موسى 15 إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى 16 اذهب إلى فرعون إنه طغى 17 فقل هل لك إلى أن تزكى 18 وأهديك إلى ربك فتخشى 19 فأراه الآية الكبرى 20 فكذب وعصى 21 ثم أدبر يسعى 22 فحشر فنادى 23 فقال أنا ربكم الأعلى 24 فأخذه الله نكال الآخرة والأولى 25 إن في ذلك لعبرة لمن يخشى 26}

صفحة 7269 - الجزء 10

  والحشر: الجمع من كل جهة، ومنه: الحاشر الذي يجمع الناس، ومنه: يوم الحشر يوم القيامة.

  والنكال: العقوبة التي تنكل الناس عن فعل ما جعلت له جزاء، وأصله: المنع، ومنه سمي القيد نكلا، والقيود أنكالا؛ لأنه ينكل به، أي: تمنع، ونَكَلَ عن الأمر يَنْكُلُ على مثال: نَصَر ينصر، ونَكِلَ يَنْكَلُ: إذا امتنع على مثال: عَلِمَ يَعلم، ومنه: النكول عن اليمين، وأنكلت الرجل عن حاجته: منعته، والنكال: العقوبة؛ لأنها تمنع عن الإقدام على مثل سببه، نَكَّلَ به تنكيلا: إذا شوه به في عقابه.

  والعبرة: الدلالة التي يدرك بها الحق، وأصله من العبور، كأنه عبر به إلى الحق، اعتبر به اعتبارا، وعبرة، ومنه: عبور النهر، وتعبير الرؤيا.

  · الإعراب: {طُوًى} لا ينصرف؛ لأنه اسم البقعة من الوادي معرفة، ويحتمل أن يكون معدولا من «طاو» عند الزجاج، ومن صرفه احتج بقول طرفة:

  أعاذلُ إن اللومَ في غير كُنهِهِ ... عَليَّ طُوًى مِنْ غَيِّكِ المُتَرَدِّدِ

  {نَكَالَ} نصب على المصدر أي: نكل به نكالاً، و (أخذه) يقوم مقام نَكَلَ، وقيل: نصب بنزع حرف الصفة، أي: بنكالٍ.

  · النظم: يقال: كيف يتصل حديث موسى بما قبله؟

  قلنا: لما تقدم ذكر المكذبين للرسول المنكرين للبعث عقَّبه بذكر موسى، وتكذيب قومه، وما قاسى موسى من الشدائد تسلية للنبي، ÷، وحثا على الصبر، ووعد بالنصر، كما نصر موسى، ووعيد للمكذبين من قومه، وعظة لهم، وتحذيرا أن ينزل بهم مثل ما نزل بأولئك، وتأكيدا للحجة عليهم.