التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم 13 وإن الفجار لفي جحيم 14 يصلونها يوم الدين 15 وما هم عنها بغائبين 16 وما أدراك ما يوم الدين 17 ثم ما أدراك ما يوم الدين 18 يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله 19}

صفحة 7316 - الجزء 10

  ومنها: أنه عم جميع الفجار ولم يخص، ولا فاجر إلا ويدخل تحت الآية، خلاف قولهم.

  ومنها: قوله: {لَفِي جَحِيمٍ} فلم يثبت لهم مكانًا غيره.

  ومنها: قوله: {وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} فدل على الدوام.

  ويدل قوله: {لَا تَمْلِكُ} أن أحدًا لا يملك دفع العذاب من المستحق.

  ومتى قيل: أراد بالفجار الكفار؟

  فلنا عنه أجوبة:

  أحدها: أنه لو صح ما قال لدخل بعض الفجار الجنة، ولكانوا من الأبرار، وهذا خلاف الآية.

  وثانيها: أن الآية عامة.

  وثالثها: أنها في أهل القبلة بالاتفاق، ولو تناول الكفار لما كانوا؛ لأن الفجور اسم لجميع المعاصي.

  وذكر أبو مسلم أن من يدعي التخصيص في مثل هذا لا يبعد قوله؛ لأن ما تقدم كلام في المكذبين، وإن كان الأصل هو العموم.

  وجوابنا أن المعتبر عموم اللفظ، لا ما تقدم.

  واختلفوا، هل يجوز تخصيص هذا الخبر؟

  قيل: لا؛ لأنه خبر، فتخصيصه يؤدي إلى الكذب.

  وقيل: بل يصح؛ لأن ما يصح أن يستثنى بدليل متصل جاز بدليل منفصل، وهو الصحيح.

  وذكر أبو علي أنه لا يصح فيه التخصيص، كما لا يصح في قوله: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ}.