قوله تعالى: {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد 8 الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد 9 إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق 10 إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ذلك الفوز الكبير 11}
  مَا نَقِمُوا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ إِلَّا ... أَّنهُمْ يَحْلُمُونَ إِنْ غَضِبُوا
  والعزيز: الممتنع الذي لا يمتنع عليه شيء، وهو يرجع إلى كونه قادرًا.
  والحميد: المستحق للحمد.
  والحريق: «فَعِيلٌ» من الحرق.
  والفتنة: الامتحان، ثم يستعمل في العذاب.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أنه لم يكن منهم ما يوجب الإحراق إلا أنهم فعلوه ظلمًا، فقال سبحانه: «وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ» قيل: ما أنكروا منهم شيئًا، ولا كان فيهم شيء يوجب التعذيب. قيل: ما علموا فيهم عيبًا، ولا وجدوا لهم جرمًا. قال أبو علي: ما فعلوا بهم ذلك العذاب إلا لإيمانهم «إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ» يعني فعلوا ذلك لأجل إيمانهم، وتركهم الأصنام، وهكذا يفعل الجهلة، يعدون المناقب عيبًا، والعيب منقبة. «الْعَزِيزِ» القادر الذي لا يمتنع عليه شيء. «الْحَمِيدِ» المستحق للحمد بآلائه، المحمود بأفعاله. «الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ» أي: شاهدًا يشاهد ظلمهم ويجازيهم، وينتصف للمؤمنين منهم، وفيه وعيد لهم، وتسلية للمؤمنين.
  «إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ» قيل: أحرقوهم بالنار، وعذبوهم، عن ابن عباس، وقتادة، والضحاك. ونظيره: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}[الذاريات: ١٣]. وقيل: فتنوا بحملهم على الكفر، وتعذيبهم ليتركوا الإيمان «ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا» من ذلك، فإنهم لو تابوا لقبلت توبتهم. «فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ» في الآخرة «وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ» قيل: في الدنيا؛ لأنه تعالى أحرقهم بتلك النار، عن الربيع. وقيل: هما واحد، وأراد به في الآخرة، وذكر الحريق تأكيدًا، عن أبي علي، وأبي مسلم، وأكثر المفسرين. وقيل: «فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ» بكفرهم، وعذاب بإحراق المؤمنين، عن الزجاج.