التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والسماء ذات الرجع 11 والأرض ذات الصدع 12 إنه لقول فصل 13 وما هو بالهزل 14 إنهم يكيدون كيدا 15 وأكيد كيدا 16 فمهل الكافرين أمهلهم رويدا 17}

صفحة 7369 - الجزء 10

  «إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ» هذا جواب القسم، ومعناه: أن الوعد بالبعث والإحياء بعد الموت قول فصل يفصل بين الحق والباطل. وقيل: قول مقطوع به، لا خلاف، ولا ريب فيه. وقيل: «إِنَّهُ» يعني القرآن وما فيه من الوعد والوعيد والأحكام قولٌ حق، عن أبي علي. وهو الوجه.

  «وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ» أي: أنه جِدٌّ، ليس بلعب. وقيل: فصل، أي: ظاهر واضح، لا لبس فيه، عن أبي مسلم.

  «إِنَّهُمْ» يعني الكفار «يَكِيدُونَ كَيْدًا» أي: يحتالون في الإيقاع بك وبمن معك، ويريدون إطفاء نورك «وَأَكِيدُ كَيْدًا» أي: أريد أمرًا آخَرَ على ضد ما يريدون، وأُدَبِّرُ ما ينغص تدابيرهم، وهو الدفع عنك، وإتمام أمرك وإظهار دينك. وقيل: الكيد:

  الإرادة، ومنه: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ}⁣[يوسف: ٧٦] والمعنى: يريدون أمرًا آخر، عن أبي مسلم. والله أعلم بالصلاح، فربما تتعجل النصرة، وربما تتأخر.

  «فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ» أي: أَنْظِرْهُمْ ولا تعاجلهم، وَارْضَ بتدبير الله فيهم «أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا» أي: إمهالاً قليلاً، عن قتادة. وإنما قلَّل الإمهال، لأن ما هو كائن آتٍ لا محالة فهو قريب، والمراد يوم القيامة. وقيل: أراد يوم بدر، وقتل صناديد قريش، وهذا بعيد؛ لأنه تعالى عم جميع الكفار بهذا الوعيد.

  · الأحكام: الآيات تتضمن أحكامًا:

  منها: عظم محل المطر من القدرة والنعم حتى أقسم به.

  ومنها: عظم حال القرآن، وأنه الجد لا هزل فيه، فيجب فيه متابعته، والعمل به.

  ومنها: وعيد الكفار، وقرب العقاب منهم.

  ومنها: أن الكيد فعلُهم.