التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سبح اسم ربك الأعلى 1 الذي خلق فسوى 2 والذي قدر فهدى 3 والذي أخرج المرعى 4 فجعله غثاء أحوى 5 سنقرئك فلا تنسى 6 إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى 7 ونيسرك لليسرى 8}

صفحة 7377 - الجزء 10

  · الأحكام: الآيات تتضمن أحكامًا:

  منها: وجوب تنزيهه وتنزيه أسمائه عن كل نقص في ذاته أو فعل، فتدل أن جميع أفعاله حسنة، ولا يفعل القبيح، خلاف قول الْمُجْبِرَةِ.

  ومنها: أنه هدى الخلق، خلاف قولهم.

  ومنها: أنه أخرج أقوات كل دابة، وكل حي.

  ومنها: أن القرآن من جهته تعالى.

  ومنها: أن النبي ÷ لا ينساه، معجزة له على ما بَيَّنَّاهُ.

  ومنها: أن فيه ما ينسى بأن يُنْسَخَ؛ لذلك صح الاستثناء، وإذا جاز النسخ جاز محوه عن القلوب، إذا كانت المصلحة في ذلك.

  ومنها: جواز النسيان على النبي ÷ في غير الوحي، فأما الوحي فلا يجوز إلا عند النسخ، وإن كان قراءة عُلِم أنه نسخ.

  ومتى قيل: هل يجوز أن ينسى هو بعد أن أداه إلى الخلق؟

  قلنا: إذا ظهر ظهورًا لا يخفى جاز، فأما إذا كان في عدد يسير فلا يجوز، ولا يبعد أن يقال: إنه لا يجوز؛ لما فيه من التنفير.

  ومتى قيل: هل يجوز بعدما علم الخلق أن ينسوا جميعًا؟

  قلنا: يبعد في الخلق الكثير مع كمال العقل، ويجوز في العدد اليسير، فإن قدرنا ذلك معجزة له جاز.

  ومنها: أن طريق الدين ميسر لكل مكلف، خلاف ما تقوله الْمُجْبِرَة.