التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فذكر إن نفعت الذكرى 9 سيذكر من يخشى 10 ويتجنبها الأشقى 11 الذي يصلى النار الكبرى 12 ثم لا يموت فيها ولا يحيى 13 قد أفلح من تزكى 14 وذكر اسم ربه فصلى 15 بل تؤثرون الحياة الدنيا 16 والآخرة خير وأبقى 17 إن هذا لفي الصحف الأولى 18 صحف إبراهيم وموسى 19}

صفحة 7379 - الجزء 10

  وأبي سعيد الخدري، وابن عمر. وكان ابن عمر يقول لنافع يوم العيد: أَخْرَجْتَ الصدقة؟ فإن قال: نعم، خرج إلى المصلى، وإن قال: لا، قال: أخرج فإنما نزل قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} في هذا.

  · المعنى: ثم أمر رسول الله ÷ بتبليغ ما أوحى الله عليه، فقال سبحانه: «فَذَكِّرْ» أي: أَدِّإليهم القرآن، وعِظْهُمْ به، وذكرهم ما فيه من الوعد والوعيد والأحكام «إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى» قيل: ليس هذا بشرط، وإنما هو إخبار عن أنه ينفع لا محالة في زيادة الطاعة والانتهاء عن المعصية، كما يقال: سله إن نفع السؤال، وقيل: عظهم وأدِّ ما أرسلت به إليهم، نَفَعَ، أو لَمْ يَنْفَعْ، أي: قبلوا منك، أو لم يقبلوا، عن أبي علي قال: لأنه مبعوث إلى الكافة، فيجب أن يؤدي، قبلوا أم لم يقبلوا؛ للزوم الحجة، وقيل: أراد به الحث على الانتفاع لواعظه كمن يقول لغيره. - وقد بين له -: قد أوضحت لك إنْ نفع، وقيل: المراد إن رجوت فيهم الانتفاع، وأملت قلوبهم، عن أبي مسلم. وقيل: (إن) بمعنى (إذ)، يعني: إذ نفعت الذكرى، أي: قد نفع.

  ثم بَيَّنَ مَنْ ينتفع، ومن لا ينتفع، فقال سبحانه: «سَيَذَّكَرُ» أي: سيتعظ، ويقبل الذكر «مَنْ يَخْشَى» أي: يخاف، قيل: يخاف الله والبعث، وأن من لم يؤمن بالبعث والجزاء لا يتعظ بالذكر «وَيَتَجَنَّبُهَا» أي: يتجنب التذكرة، ويباعد عنها «الْأَشْقَى» قيل: الأشقى من الإنس [أي] الذي يشقى من الإنس من يخاف ومن يتجنب، عن أبي مسلم. وقيل: أشقى العصاةِ؛ لأن المعاقبين درجات، فأعظمها درجة في الشقاوة: الذي كفر بِاللَّهِ، وعَبَدَ غيره «الَّذِي يَصْلَى النَّارَ» قيل: يَلْزَمُ النار، ويُعَذَّبُ فيها «النَّارَ الْكُبْرَى» قيل: أشقى العصاة يصلى أكبر النيران، وقيل: النار الكبرى نار جهنم، والنار الصغرى نار الدنيا، عن الحسن. وقيل: النار الكبرى التي في الطبقة السفلى من جهنم، عن الفراء. وقيل: في الآخرة نيران، فالكبرى أعظمها. «ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا»