قوله تعالى: {فذكر إن نفعت الذكرى 9 سيذكر من يخشى 10 ويتجنبها الأشقى 11 الذي يصلى النار الكبرى 12 ثم لا يموت فيها ولا يحيى 13 قد أفلح من تزكى 14 وذكر اسم ربه فصلى 15 بل تؤثرون الحياة الدنيا 16 والآخرة خير وأبقى 17 إن هذا لفي الصحف الأولى 18 صحف إبراهيم وموسى 19}
  وقيل: من تزكى وصلى ممدوح هو في الصحف الأولى كما هو في القرآن، وقيل: ما أمرناك به وتدعو الناس إليه في صحفهم، عن أبي مسلم. «الصُّحُفِ الْأُولَى» أي: كتب الأولين «صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى» كتابهما @، وعن أبي ذر، قلت: يا رسول الله، ما كان في الصحف الأولى؟ قال: اقرأ: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ١٤ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى}، وقيل: في صحف إبراهيم: (ينبغي للعاقل أن يكون حافظًا للسانه، عارفًا بزمانه، مقبلاً على شأنه)، وقيل: إنه تعالى أنزل مائة وأربعة كتب على: آدم، وشيث، وإدريس، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد - صلى الله عليهم وسلم -، وعلى داود وغيرهم من الأنبياء. والله أعلم.
  · الأحكام: يدل قوله: «فَذَكِّرْ» على وجوب التذكر والدعاء إلى الله تعالى.
  ويدل قوله: {وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى} أن التجنب فِعْلُهُ، وأنه يقدر على خلافه؛ لذلك صح ذمه، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق والاستطاعة.
  ويدل قوله: {قَدْ أَفْلَحَ} الآية، أن الجنة تنال بمجموع ذلك، والتطهير إنما يحصل بأداء الواجبات واجتناب الكبائر، فيصحح قولنا.
  وتدل أن التزكية والصلاة والذكر فِعْلُ العبد.
  ويدل قوله: {بَلْ تُؤثِرُونَ} أن اختيارهم ذلك فعلهم.
  ويدل قوله: {إِنَّ هَذَا} أن هذه المواعظ في كتب الأنبياء كما في القرآن، فيكون تأثيره أقوى.