التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم 226 وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم 227}

صفحة 905 - الجزء 1

  · النزول: قال قتادة: كان الإيلاء طلاق الجاهلية، وفي ابتداء الإسلام كانوا لا يريدون المرأة، ويكرهون أن يتزوجها غيره، فيحلف ألا يقربها، فيتركها لا أَيِّمًا ولا ذات بعل، فجعل اللَّه تعالى الأجل أربعة أشهر، وأنزل الآية.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ حكم الإيلاء؛ لأنه من جملة الأيمان، وشريعة من شرائع الإسلام، فقال تعالى: «لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ» يحلفون، وفيه حذف (أن يعتزلوا عن وَطْء نسائهم)، فحذف لدلالة الباقي عليه «تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ» التوقف والتلبث في أربعة أشهر، فكل يمين يمتنع به من جماع أربعة أشهر فما فوقها فهي إيلاء، وما كان دون أربعة أشهر فليس بإيلاء، واختلفوا، فقيل: الإيلاء الحلف على الامتناع من الجماع على جهة الغضب والضرر، عن علي وابن عباس والحسن، وقيل: في الغضب والرضاء، عن إبراهيم والشعبي وجماعة الفقهاء، وهو الظاهر، وقيل: هو الجماع وغيره من الضرار، نحو أن يحلف ألا يكلمها، عن سعيد بن المسيب، وقد سقط خلافه «فَإِنْ فَاؤُوا» رجعوا إلى أمر اللَّه بالفيء، وهو الجماع في الأربعة الأشهر، عن ابن عباس ومسروق وسعيد بن المسيب وأبي حنيفة وأصحابه، فإن لم يقدر عليه فبالقول، وقيل: المراجعة بالعزم في حال العذر، عن الحسن وإبراهيم وعلقمة. ويُشهِد على فيئه. وقيل: الفيء باللسان في جميع الأحوال، عن إبراهيم. وإذا فاء فعليه الكفارة، عن ابن عباس وقتادة وجماعة الفقهاء. ومعنى «غَفُور» أنه لا يتبعه عقوبة، وقيل: لا يتبعه كفارة، عن الحسن وإبراهيم. ومعنى «غَفُورٌ رَحِيمٌ» أي لا يتبعه كفارة ولا عقوبة «وَإنْ عَزَمُوا الطلاقَ» عزيمة الطلاق ألا يفيء حتى تمضي أربعة أشهر، فيقع عليها تطليقة، عن ابن مسعود وابن عباس وعلي $. وهو قول إبراهيم وحماد والحسن وأبي علي وأبي حنيفة وأصحابه. وقال مالك والشافعي: إذا مضت أربعة أشهر وطلبت يوقف، ويقال: