قوله تعالى: {فلا اقتحم العقبة 11 وما أدراك ما العقبة 12 فك رقبة 13 أو إطعام في يوم ذي مسغبة 14 يتيما ذا مقربة 15 أو مسكينا ذا متربة 16 ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة 17 أولئك أصحاب الميمنة 18 والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة 19 عليهم نار مؤصدة 20}
  الحروف، عن أبي علي. وقيل: أوردها المعاصي وانغمس واندس فيها، عن أبي مسلم. وقيل: دَسَّسَها، يعني: أخملها وأخفى محلها ووضع منها بمعصية كما يقال: تَظَنَّيْتُ وتَظَنَّنْتُ، وقال الشاعر:
  تَقَضِّيَ الْبَازِي إِذَا الْبَازِي كَسَرْ
  أي: تقضض، وقيل: أفلح من زكاها برفع الغمة، وخاب من دساها بوضع الغمة، روي ذلك عن زيد بن علي #، وقيل: دساها أبطلها، وأهلكها، عن ابن عباس.
  فأما ما روي عن سعيد بن جبير ومجاهد: زكاها: أصلحها وطهَّرها، ودساها: أضلها وأغواها، إن كان الكناية عن النفس، أو عن الله تعالى فهو على ما قدمنا، وعن النبي ÷ كان إذا قرأ هذه الآية قال: «اللهم آت نفسي تقواها، أنت وليها ومولاها، وزكها أنت خير من زكاها».
  · الأحكام: يدل القسم بهذه الأشياء على عظم محلها في القدرة والنعمة، سواء حمل على القسم على أنه بها أو بخالقها، فذِكْرُها ينبه على ما ذكرنا.
  ويدل [قوله]: {فَأَلْهَمَهَا} أنَّه تعالى بَيَّنَ لجميع المكلفين طريق الخير والشر، وأنه مكَّنهم من الأمرين.
  ويدل قوله: {قَدْ أَفْلَحَ} أن الفلاح يحصل بمجانبة المعاصي، وبتطهير النفس عنها، والأولى أن تحمل الكناية على النفس؛ لأنه المذكور قبله.
  ويدل قوله: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} أن الخيبة إنما تحصل بالمعاصي، وكل ذلك ترغيب وترهيب.