التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كذبت ثمود بطغواها 11 إذ انبعث أشقاها 12 فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها 13 فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها 14 ولا يخاف عقباها 15}

صفحة 7435 - الجزء 10

  والعَقْرُ: أصله نقض شيء من بنية الحيوان، عَقَرَهُ يَعْقِرُهُ عَقْرًا فهو عاقر: إذا قطع مئه اللحم وسال الدم.

  والدمدمة: ترديد الحال المتكرهة، وهي مضاعفة لما فيه من المشقة، يقال:

  دم ودمدم، كما يقال: صرَّ وصَرْصَرَ.

  · الإعراب: {نَاقَةَ اللَّهِ} نصب على الإغراء؛ أي: عليكم ناقة الله، واحذروا ناقة الله، كما يقال: الأسدَ الأسدَ.

  والهاء في قوله: {إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا} ترجع إلى (ثمود)، وهي قبيلة؛ لذلك أنَّث.

  والهاء في {عُقْبَاهَا} قيل: ترجع إلى الدمدمة، وقيل: ترجع إلى الجناية على الناقة.

  · المعنى: لما تقدم حال من ارتكب المعاصي عقبه بذكر قصة ثمود تأكيدًا لها، فقال سبحانه: «كَذَّبَتْ ثَمُودُ» الرسل «بِطَغْوَاهَا» قيل: بمعصيتها ومجاوزتها الحد في العصيان، أي لِمَا كان معهم من الكفر والطغيان، يعني لطغيانهم كذبوا، كما قال: بجهلك فعلت، ولجهلك فعلت؛ أي: لأنك جاهل، في معنى قول مجاهد، وابن زيد، وأبي علي، وأبي مسلم. وقيل: كذبت بجزاء طغواها، يعني بالحساب والبعث والجزاء، عن أبي مسلم. وقيل: بعذابها، عن ابن عباس. كأنه قيل: بعذاب الطاغية، فأتاها ما كذبت به، وروي عنه أن اسم العذاب الذي جاءهم الطغوى، كأنه جاوز الحد «إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا» أي: قام أشدها شقاوة، وهو قدار بن سالف، عاقر الناقة، وكان رجلاً أشقر أزرق قصيرًا، وقيل: الانبعاث: السعي في الأمر بالجد، ومعنى «أشقاها» أي: أشقى تلك القبيلة؛ لأنه تولى عقرها من بينهم، فأهلك نفسه