التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كذبت ثمود بطغواها 11 إذ انبعث أشقاها 12 فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها 13 فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها 14 ولا يخاف عقباها 15}

صفحة 7436 - الجزء 10

  وقبيلته، فصاروا أشقياء، وكان عذابه أعظم، فكان أشقى «فَقَالَ لَهُمْ» أي: لثمود «رَسُولُ اللَّهِ» صالح حين بلغه أنهم قصدوه، وعزموا على قتلها: لا تفعلوا «نَاقَةَ اللَّهِ» أي: احذروا ناقة الله أن تتعرضوا لها، وإنما أضاف الناقة إلى الله؛ لأنه خلقها من غير واسطة، دلالة على توحيده، ومعجزة لنبيه صالح، وقيل: لأنه لا مالك لها سواه «وَسُقْيَاهَا» أي: احذروا أن تمنعوا سقياها؛ أي: نصيبها من الماء، وكان لها شرب، ولهم شرب، وقيل: أمر العوام عجيب، نحت سامري عجلًا فعبدوه، وسألوا أن يخلق الله لهم ناقة، فخلقها، فقتلوها «فَكَذَّبُوهُ» أي: كذبوا صالحًا فيما أوعدهم به «فَعَقَرُوهَا» يعني: الناقة؛ لأنه عقرها واحد برضا الباقين، فكانوا أراذلة، وقيل: عَقْرُها: تكذيبُهُ، وقيل: بل هو غيره، وهو الصحيح «فَدَمْدَمَ عَلَيهِمْ» قيل: دمر عليهم، وأهلكهم، وأنزل بهم العذاب، عن أبي علي. وقيل: الدمدمة هي الصيحة الشديدة، أي فأخذتهم الصيحة، وهو أمر الله بإهلاكهم، عن أبي مسلم. وقيل: غضب عليهم، وقيل: صاح بهم جبريل صيحة أهلكتهم، وقيل: الدمدمة هلاك باستئصال، عن أبي علي. «بِذَنْبِهِمْ» أي: فعل ذلك بهم لأجل ذنبهم، وهو تكذيبهم رسوله، وعقرهم الناقة، فالذنب كان سبب هلاكهم «فَسَوَّاهَا» قيل: سوى الدمدمة عليهم، وعمهم بها، فلم ينج منهم أحد، وقيل: سوى بيوتهم على قبورهم، وقيل: سوى بين صغيرهم وكبيرهم، وقيل: سوى الأبنية والحيطان والأشجار والقوم بالأرض حتى لا يرى لهم أثر، عن أبي علي، وأبي مسلم. «وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا» قيل: لا يخاف الله تبعة الدمدمة، عن ابن عباس، والحسن، وقتادة، ومجاهد، وأبي علي، وأبي مسلم. أي: لما فعل بهم ذلك لم يخف جزاء وعاقبة ولا انتقامًا من أحد، وقيل: لم يخف عاقر الناقة عقباها أي: عقبى ما فعل بالناقة، عن الضحاك، والسدي، والكلبي. وفيه تقديم وتأخير؛ أي: انبعث لعقرها أشقاها، ولا يخاف عقباها، وقيل: لا يخاف الله عاقبة ذلك؛ لأنه لا يعقب على حُكمهِ [و] لا يخاف أن يَعقبُه ذلك بأنه ظلمهم، وهو قادر