قوله تعالى: {ألم نشرح لك صدرك 1 ووضعنا عنك وزرك 2 الذي أنقض ظهرك 3 ورفعنا لك ذكرك 4 فإن مع العسر يسرا 5 إن مع العسر يسرا 6 فإذا فرغت فانصب 7 وإلى ربك فارغب 8}
  ربك فارغب في جميع أحوالك، والتماس ما تحتاج إليه دِينًا وَدُنْيًا لا إلى سواه فإنه قاضي الحاجات القادر على ذلك، وذكر بعض الجهال أن سورة (الضحى) و (ألم نشرح) واحدة، وهذا باطل؛ لأنا بالطريق الذي به علمنا فصل السورة بذلك علمنا أنهما سورتان؛ ألا ترى أنه فصل بينهما بالتسمية، وتواتر النقل بأنهما سورتان.
  · الأحكام: السورة تتضمن أحكامًا:
  منها: بيان نعم الله على نبيه الموجبة للشكر، ونعمه على أمته به.
  ومنها: ما شرح من صدره بألطافه وتأييده حتي قام بأمر النبوة مع عظمه وكثرة أعدائه، وقيل: إن شرح الصدر ثواب، ويحكى ذلك عن أبي علي. وقيل: هو من باب الألطاف، وهو الصحيح.
  ومنها: أنه أزال عنه وزره، وحمله أبو علي على الصغائر، وأنها وإن صغرت فلأنه يشتغل قلبه بها مع عظيم نعم الله عليه، كأنه ثقل على ظهره، والأولى في ذلك ما قاله أبو مسلم أنه أزال عنه الهموم؛ إذ لم يرد عنه ذنب تحمل الآية عليه.
  ومنها: رفع ذكره، فلا يصح الإيمان والصلاة والأذان إلا بذكره.
  ومنها: كثرة نعمه على عباده، وغلبة اليسر على العسر، فيجب الشكر عند النعمة، والصبر عند البلاء.
  ومنها: أنه يكره الفراغ، فوجب أن يستغل إما بعبادة وإما أمر معاشه، وفي الخبر: «أن الله تعالى يبغض الصحيح الفارغ».
  ومنها: أن الدنيا دار شغل ونصب، وإنما الراحة والدعة في الآخرة.