التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألم نشرح لك صدرك 1 ووضعنا عنك وزرك 2 الذي أنقض ظهرك 3 ورفعنا لك ذكرك 4 فإن مع العسر يسرا 5 إن مع العسر يسرا 6 فإذا فرغت فانصب 7 وإلى ربك فارغب 8}

صفحة 7466 - الجزء 10

  اليسر هو النعم والعسر هو الشدائد والمحن، عن أبي علي. وقيل: أراد اليسرين في الدنيا، فَيُسْرٌ يغلب العسر، فيكون الرخاء أكثر من الشدة، والصحة أكثر من المرض، وذلك حث على الشكر، وقيل: بَشَّرَهُ بالفتوح، وقيل: أراد أحد اليسرين في الدنيا والثاني في الآخرة، كأنه قيل: إن مع العسر يسرًا في الدنيا ويسرًا في الآخرة.

  وروي أن النبي ÷ قال عند نزول هذه الآية: «لن يغلب عسر يُسْرَيْنِ».

  واختلف العلماء في تأويل الخبر، فقال بعضهم: اليسر مُنَكَّرٌ، فكان الثاني غير الأول، والعسر معرَّفٌ فكان الثاني هو الأول، وقيل: لن يغلب العسر يسر الدارين، وإن غلب فيغلب يسر الدنيا، ذكره الجرجاني صاحب النظم، وزَيَّفَ المعنى الأولَ، وليس كذلك؛ لأن ذلك معنى صحيح عند أكثر العلماء، وقيل: مع عسر الدنيا يسر الآخرة، وهو الجنة والجزاء.

  «فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ. وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ» قيل: إذا فرغت من صلاتك فانصب إلى ربك في الدعاء ومسألة الحوائج، وارغب إليه، عن قتادة، والضحاك. وقيل: إذا فرغت من فرضك فانصب إلى ما رغبك الله فيه من العمل، عن ابن عباس. وقيل: إذا فرغت من جهاد أعدائك فانصب إلى ربك بالعبادة له، عن الحسن، وابن زيد. وقيل: إذا فرغت من أمور دنياك فانصب إلى عبادة ربك، عن مجاهد، وأبي علي. وقيل: إذا خلوت فانصب إلي الله بالعبادة، والفراغ: الخلو، والنصب: التعب، فأمره بالعبادة عند خلوه، والرغبة إليه ليأتيه اليسر بعد العسر، عن أبي مسلم. وقيل: إذا فرغت مما لا بد لك منه من أمور دنياك فانصب لما تعبدت به من الإبلاغ والعبادة، وقيل: إذا فرغت من جهاد الأعداء فانصب بجهاد نفسك، وقيل: إذا فرغت من أداء الرسالة فانصب لطلب الشفاعة، وقيل: أراد ذكر الله على فراغ القلب من أمر النبوة وأعباء الرسالة، وقيل: إذا فرغت من الركوع والسجود والقراءة فانصب إلى ربك بالدعاء، عن الأصم، وحكي عن قوم أن المراد به الأمر بالجهاد، وزيفه بأن السورة مكية، ولم يك ثَمَّ جهاد، وقيل: إذا فرغت من أداء الرسالة فانصب للاستغفار للمؤمنين، وإلى