التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم 228}

صفحة 913 - الجزء 1

  قروء، ولأنه نقل عند عدم الحيض إلى الشهور، فدل أن الحيض الأصل، وهو في المطلقة الحائل المدخول بها إذا كانت تحيض، وبالأشهر، وهي عدة الآيسة والصغيرة إذا طلقها زوجها بعد الدخول ثلاثة أشهر، وعدة المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشر، دخل بها الزوج أو لم يدخل، وعدة الأمة على النصف في الأشهر، وفي القرء حيضتان، وإذا طلقها في مرضه ومات فورثت بالإقرار على قول أبي حنيفة تعتد بأبعد الأجلين، وقال أبو يوسف ومحمد: تعتد بالحيض.

  والثالث: وضع الحمل ففي الجميع على السواء المطلقة المتوفى عنها زوجها، وذوات الأقراء، والحرة والأمة سواء، ولا خلاف أن غير المدخول بها إذا طلقها لا عدة عليها.

  والعدة حق اللَّه تعالى مشوب بحق الآدمي، وتَعَبُّدٌ للمرأة من وجه، ولا تعبد فيه من وجه، والتعبد الامتناع من الأزواج والسكنى والإحداد، فأما ما مضى من الزمان فلا تعبد فيه؛ لأنه من فعل اللَّه تعالى، ولذلك إذا أخبرت بطلاق الزوج بعد مضي مدة، فالفقهاء على أنه يعتبر من حين الطلاق، وعن بعضهم من حين الخبر، والأول إجماع الفقهاء.

  فصل:

  فأما الرجعة: فتثبت في المطلقة الرجعية في الواحدة والثنتين، وتبين في الثلاث، وفي الكنايات لا تثبت الرجعة، وإذا أخذ بذلاً لا تثبت، وعند الشافعي تثبت في الكنايات أيضًا.

  ثم بماذا تقع الرجعة؟، إما بقول الزوج فيصح بالاتفاق، واختلفوا في الوطء واللمس بالشهوة، فعند أبي حنيفة يصير به مراجعًا، وعند الشافعي لا تصح الرجعة، واختلفوا فقال أبو حنيفة: الإشهاد ليس بشرط، وقال الشافعي: شرط.

  ولا خلاف أنه إذا انقضت العدة تنقطع الرجعة، فأما في الحيض إذا قال: راجعتك فقالت مجيبة: انقضت عدتي تصح الرجعة عند أبي يوسف ومحمد، ولا تصح عند أبي حنيفة إذا كان حيضها عشرًا، فبنفس الانقطاع تنقطع الرجعة، وإذا كان