التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم 228}

صفحة 912 - الجزء 1

  واتفقوا أنها لا تحل بعد وقوع الثلاث حتى تنكح زوجًا غيره نكاحًا صحيحًا، ويدخل بها، وتنقضي عدتها.

  واتفقوا أن الطلاق على ضربين: بائن، ورجعي. فالبائن لا يصح أن يراجعها إلا بعقد جديد، ويصح في الرجعي.

  واتفقوا أن الطلاق يؤثر على ما تقدم، واختلفوا هل يحرم الوطء؟ فالظاهر من مذهب أصحابنا أنه لا يحرم، وروي عن أبي يوسف يحرم، وهو قول الشافعي.

  ثم اختلفوا فقيل: الرجعي أن يقع بلفظ الطلاق، أو يقول: اعْتَدِّي واستبرئي رحمك، أو أنت واحدة، ولا يدخل فيه البذل. والبائن ما يقع بالكنايات، أو يدخله بذل، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه، وقال الشافعي: البائن ما يدخله بذل كالطلاق على مال، ولا اعتبار باللفظ.

  وما يقع بالكنايات رجعة، فأما النية ففي الصريح لا يحتاج إلى نية، وفي الكنايات تعتبر نيته، أو دلالة الحال من غضب أو مذاكرة طلاق عن أبي حنيفة، فأما الشافعي فيعتبر النية فقط.

  والصريح لفظ الطلاق فقط، فأما إذا طلق، ثم طلق فهذا على وجوه، فالرجعي يدخل على الرجعي، والبائن، يدخل على الرجعي، والبائن لا يدخل على البائن؛ فهذا قول أبي حنيفة والشافعي. قال الهادي # والزيدية: الطلاق لا يلحق المطلقة إلا بعد أن يراجعها في جميع الأحوال، ثم اختلفوا في الرجعي على البائن فقال أبو حنيفة: يدخل، وقال الشافعي: لا يدخل.

  فصل: فأما العدة فتجب في المدخول بها إذا طلقها زوجها، أو مات عنها، وعلى غير المدخول بها إذا مات الزوج، وعلى الموطوءة بشبهة أو نكاح فاسد، وعلى أم الولد إذا أعتقها سيدها أو مات عنها عندنا ثلاث حيض، وعند الشافعي حيضة.

  وأما أنواع العدة: فيقع بثلاثة أشياء: بالقروء، وهو الحيض عند أبي حنيفة، والطهر المتخلل بين الدمين عند مالك والشافعي، والأول الوجه؛ لأنه يستغرق ثلاثة