التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل 1 ألم يجعل كيدهم في تضليل 2 وأرسل عليهم طيرا أبابيل 3 ترميهم بحجارة من سجيل 4 فجعلهم كعصف مأكول 5}

صفحة 7540 - الجزء 10

  · اللغة: الكيد: الاحتيال والاجتهاد، ومنه سميت الحرب كيدًا لاحتيال الناس فيها، وقيل: الكيد إرادة مضرة على سبيل الخفية، ويستعمل بمعنى الإرادة، ومنه: {كِدْنَا لِيُوسُفَ}⁣[يوسف: ٧٦] كاده يكيده كيدًا، وقوله: {لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ}⁣[الأنبياء: ٥٧] أي: لأحتالن لها، ويقال: كدت الرجل أكيده، إذا أردته بسوء، وكاد يكيد من الكيد، وكاد يكاد: يَقْرُبُ، ومنه: {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}⁣[النور: ٤٠].

  والضلال: أصله الذهاب عن سبيل القصد، ضل يَضِلُّ ويَضَلُّ بكسر الضاد وفتحها، قال ابن السكيت: أضللت بعيري: إذا ذهب منك، وضَلَلْتَ الدار، لا تعرف موضعها، وضل عن الطريق، وأضل الشيء: إذا ضاعه، هذا أصله في اللغة، ثم يستعمل في الشرع في أشياء، والضلال إذا أطلق فهو اسم ذم، وهو من ضل عن دين الله وأمره، ثم قد يكون عامدًا فهو كبيرة، كقوله: {مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ}⁣[الواقعة: ٩٢] وقد يكون خاطئًا كقوله: {فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ}⁣[الشعراء: ٢٠] أي: المخطئين، أردت شيئًا فحصل غيره، والضلال الهلاك أيضًا، ومنه: {وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ}⁣[محمد: ٨] ومنه: التضليل.

  والأبابيل: جماعات في تفرقة، أي: زمرة زمرة، وقيل: لا واحد لها من لفظها، عن الفراء، وأبي عبيدة، ونظيره: العباديد، وقيل: واحدها إِبَّالَة، وقيل: إِبَّوْل، حكاه الكسائي، ونظيره: عِجَّوْل، وقيل: إِبِّيل.

  والسجيل: قال أبو عبيدة: كل شديد، قال الشاعر:

  ضَرْبًا تَواصَى بِهِ الْأبطَالُ سَجِينَا

  والعصف: قال أبو عبيدة: ورق الزرع وهو عصيفه؛ وذلك لأن الريح تعصفه أي: تذهب به يمينًا وشمالاً.