التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون 230}

صفحة 921 - الجزء 1

  · الأحكام: تدل الآية على أن المملوك يعقد النكاح بثلاث تطليقات؛ إذ لو ملك أكثر لكان في الثالثة في جواز الرجعة كالبائنة.

  وتدل أنه إذا طلقها لا تحل إلا بعد شرائط الزوج الثاني وَوَطْأَهُ وفرقته وانقضاء عدته.

  وتدل على أن الزوج الأول يكون خاطبًا من الخطاب.

  وتدل على تأديب من اللَّه تعالى ليتحرز من الطلاق؛ لأنها قد تكون ذات أولاد، وقد يحبها، وقد تكون صالحة، ويشق عليه مراجعتها بعد زوج، وأمر بأن تطلق للعدة، وأثبت المراجعة مصلحة لهم، وتدل على أن الزوج الثاني يرفع التحريم، ولا بد من نكاح صحيح، ولا يحلها الفاسد والوطء بالشبهة، ووطء المولى.

  واختلفوا فيما دون الثلاث: هل يرفع الزوج الثاني ذلك؟ فقال أبو حنيفة وأبو يوسف: نعم، وقال محمد، والشافعي: لا.

  وتدل على أن الحكم الشرعي قد يتعلق بإثبات علل؛ لأن إباحتها للأول تعلقت بهذه الأشياء.

  وتدل على أن التحريم يرتفع، وإن لم يطلق الثاني ثلاثًا؛ لأنه أطلق ذلك.

  وتدل على أنه أباح التراجع بشرط أن يقيما حدود اللَّه، وهذا شرط في إباحته، لا في صحته، بإجماع الفقهاء.

  وتدل على أن الأحكام تتعلق بالظن، فتدل على صحة الاجتهاد في المسائل.

  واختلفوا في الظن فقيل: جنس برأسه سوى الاعتقاد، عن أبي علي، وقيل: هو من جنس الاعتقاد، عن أبي هاشم.