قوله تعالى: {قل أعوذ برب الناس 1 ملك الناس 2 إله الناس 3 من شر الوسواس الخناس 4 الذي يوسوس في صدور الناس 5 من الجنة والناس 6}
  ويقال: ما الفرق بين مَلِكٍ ومَالِكٍ؟
  قلنا: الملِك يدل على سعة المُلك والتدبير، والمالك ينبئ عن الملك، وإن قَلَّ، يقال: ملك الروم، ولا يقال: مالك.
  · الإعراب: {مَلِكِ} كسر لأنه صفة للرب، وكذلك {إِلَهِ}.
  · المعنى: «قُلْ» يا محمد «أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» خالقهم ومدبرهم، وسيدهم، ومربيهم، يعني: خلقهم ابتداء، ورباهم ثانيًا، فهو سيدهم والقادر عليهم، ومن كان بهذه الصفة فالاستعاذة به تجب «مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ» قيل: الذي تحق له العبادة، الغني عنهم، المنعم عليهم. وقيل: المدبر للخلق على وجه الحكمة «مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ» قيل: من شر الوسوسة التي تكون من الجِنَّة والناس. وقيل: من شر ذي الوسواس، وهو الشيطان، كما جاء في الخبر «أنه يوسوس، فإذا ذكر العبد ربه خنس»، ويكون من الجنة لقوله: {كَانَ مِنَ الْجِنِّ}[الكهف: ٥٠]، ولأنه عطف عليه الناس. وقيل: الوسواس الشيطان، سُمِّيَ به لكثرة ما يوسوس كقوله: {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}[هود: ٤٦]، لكثرة ما وجد من العمل الفاسد. وقيل: «مِن شَرِ الَوسْواسِ» على العموم، ثم فسره من بعد. وقيل: الوسواس الموسوس لكثرة الوسوسة، عن أبي علي. وهو من الجنة والناس كما يقال: نعوذ بِاللَّهِ من شر كل مارد من الجن والإنس. «الْخَنَّاسِ» الذي يوسوس، فإذا ذكر الله خنس؛ أي: هرب واختفى. وقيل: الخناس المختفي، فأمرنا بالتعوذ منه؛ لأنه مستتر عن الأعين؛ ليكون الحذر منه أشد. وقيل: الشيطان صياد حاذق، والدنيا له شبكة عظيمة، والمكلف صيد غافل غبي، وله من ملاذ الدنيا داع قوي، فمن اجتهد نجا من الهلكة، وإلا وقع في الشبكة، فلهذا وصفه بالخناس مبالغة في الزجر والتحذير «الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ» بأن يدعو إلى المعاصي «مِنَ الْجِنَّةِ