التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون 17}

صفحة 264 - الجزء 1

  بمعنى أضاء، ومنه فَرَضَ عُمَرُ فَرِيضَةَ الجَدِّ فَأنارَها، أي أوضحها وأضاءها، ونظيره السعير والجحيم، وفيه منافع للاستيضاء، والاصطلاء، والإنضاج، والتحليل، والزجر بها.

  والضياء: الإشراق، ونقيضه الظلام، ضاءت النار وأضاءت لغتان، وقيل: الضياء والظلام لونان على حالهما، والصحيح أنهما من جنس السواد والبياض، وقيل: تحرق باعتمادات فيها، عن جماعة، وقيل: بل هو فعل اللَّه اخْتِرَاعًا للعادة، وما يظهر عند الإيقاد قيل فعل اللَّه ابتداء، وقيل: كان كامنًا فظهر.

  والذهاب مصدر ذهب يذهب إذا انطلق ذهابًا، وأذهبه إذهابًا، وذهب به فهو لازم يتعدى بالألف، والباء تقوم مقام الألف في أنه يعديه، ويُذْهِبُ الأبصار، وَيذْهَبُ بالأبصار بِمَعْنىً.

  والترك للشيء والكف عنه هو والإمساك نظائر، والترك: نقيض الأخذ، وحد الترك: ضد الفعل في محل القدرة عليه، والترك لا يكون إلا فعلاً عند أبي علي، وقد لا يكون فعلاً عند أبي هاشم، ومعناه أنه لا يفعل، وبهذا المعنى يطلق عليه تعالى.

  والظلام: ضد الضياء، وأصله الانتقاص، سمي به لأن نوره لا يزال ينتقص حتى يذهب.

  والإبصار والرؤية والمعاينة والمشاهدة نظائر، والإبصار: إدراك الشيء بحاسة العين، يقال: أبصر بعينه، وأبصر بقلبه مشبه به.

  · الإعراب: يقال: أين جواب قوله: {أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ

  قلنا: محذوف، وتقديره طفئت، وإنما جاز الحذف للإيجاز، ودلالة الكلام عليه؛ لأن قوله: {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِم} يدل عليه، قال أبو ذؤيب: