قوله تعالى: {ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين 246}
  «الْقِتَالُ» مع ذلك الملك ألا تقوموا بما تقولون، ولا تقاتلون معه، قال: هل ظننتم إن كلفتم الجهاد ألا تقوموا بحقه «قَالُوا» يعني الملأ «وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا» لفظه عام ومعناه خاص، يعني أخرج بعضنا «مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا» من وطننا وأهلينا «فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيهِمُ الْقِتَالُ» فرض عليهم بعد أن بعث ملكًا يقاتلون معه، وفي الكلام محذوف تقديره: فسأل اللَّه تعالى ذلك فبعث لهم ملكًا، وكتب عليهم القتال فتولوا وأعرضوا عن الجهاد وضيعوا أمر اللَّه «إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ» وهم الَّذِينَ عبروا النهر على ما نبينه من بعد، «وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ» يعني من لم يطعه في أمره ونهيه، عن الأصم، وقيل: عليم بمن ترك الجهاد بعد وجوبه، عن أبي علي.
  · الأحكام: الآية تدل على الحث والترغيب في الجهاد، والتحذير من مخالفة أمر اللَّه فيه، وعلى أن الجهاد كان من فرائض من كان قبلنا، ومن شرائع الأنبياء قبل نبينا ÷.
  وتدل على أن الجهاد يحتاج إلى مدبر وأمير يجمع الكلمة.
  وتدل على جواز أن ينفصل الملك من النبوة، وجواز أن يجعل النبي ÷ الملك لغيره بإذن ربه.
  وتدل على أن للأنبياء تشديد العهود والمواثيق على أممهم فيما يلزمهم؛ فلذلك قال: «هَلْ عَسَيتُمْ».
  وتدل على أن المخالفة قد تقع من الأمة مع التوكيد البليغ.
  وتدل على أن ترك القتال بعدما كتب عليهم ظلم؛ لأنه كبيرة.
  وفي ترك الجهاد ظلم من وجوه: